الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
6477 - كان أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس - ق ت هـ) عن أنس - صح) .

التالي السابق


(كان أحسن الناس) صورة وسيرة (وأجود الناس) بكل ما ينفع، حذف للتعميم، أو لفوت إحصائه كثرة؛ لأن من كان أكملهم شرفا وأيقظهم قلبا وألطفهم طبعا وأعدلهم مزاجا جدير بأن يكون أسمحهم صلة وأنداهم يدا، ولأنه مستغن عن الغانيات بالباقيات الصالحات، ولأنه تخلق بصفات الله تعالى التي منها الجود، (وأشجع الناس) أي أقواهم قلبا وأجودهم في حال البأس، فكان الشجاع منهم الذي يلوذ بجانبه عند التحام الحرب، وما ولى قط منهزما، ولا تحدث أحد عنه بفرار، وقد ثبتت أشجعيته بالتواتر النقلي. قال المصنف: بل يؤخذ ذلك من النص القرآني لقوله: يا أيها النبي جاهد الكفار فكلفه وهو فرد جهاد الكل و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ولا ضير في كون المراد هو ومن معه إذ غايته أنه قوبل بالجمع وذلك مفيد للمقصود، وقد جمع صفات القوى الثلاث العقلية والغضبية والشهوية، والحسن تابع لاعتدال المزاج المستتبع لصفات النفس الذي به جودة القريحة الدالة على العقل واكتساب الفضائل وتجنب الرذائل، والجود كمال القوة الشهوية، والغضبية كمالها الشجاعة، وهذه أمهات الأخلاق الفاضلة فلذلك اقتصر عليها، قاله الطيبي .

(ق ت هـ عن أنس) بن مالك ، وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه، بل بقيته في البخاري : (ولقد فزع أهل المدينة - أي ليلا - فكان النبي (صلى الله عليه وسلم) سبقهم على فرس أي استعاره من أبي طلحة ، وقال: وجدناه بحرا) هكذا ساقه في باب مدح الشجاعة في الحرب، وفي مسلم في باب صفة النبي (صلى الله عليه وسلم) عقب ما ذكر، وقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) راجعا وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة عرى في عنقه السيف، وهو يقول: لن تراعوا، قال: وجدناه بحرا، أو إنه لبحر انتهى.




الخدمات العلمية