الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
6358 - كل ميسر لما خلق له - حم ق د) عن عمران بن حصين ، (ت) عن عمر ، (حم) عن أبي بكر - صح).

التالي السابق


(كل ميسر) وفي رواية: (يسر) بضم أوله، وكسر المهملة الثقيلة، (لما خلق له) أي مهيأ لما خلق لأجله، قابل له بطبعه، قال المفسرون في قوله: (فسنيسره)، أي سنهديه، من يسر الفرس للراكب إذا سرجها وألجمها، فليس المراد به هنا ما يقابل التعسير، وأما قول الشريف في شرح حاشية المفتاح معناه: كل موفق لما خلق لأجله فغير سديد، كما بينه ابن الكمال وغيره، لأن التوفيق خلق قدرة الطاعة في العبد، وليس المعنى هنا مقصور عليه، بل المراد التهيئة لما خلق لأجله من خير وشر ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها

[تنبيه آخر] قال الراغب : لما احتاج الناس بعضهم لبعض سخر كل واحد منهم لصناعة ما يتعاطاه، وجعل بين طبائعهم وصنائعهم مناسبات خفية، واتفاقات سماوية، ليؤثر الواحد بعد الواحد حرفة ينشرح صدره بملابستها وتعطيه قواه لمزاولتها، فإذا جعل إليه صناعة أخرى ربما وجد مستبلدا فيها متبرما منها سخرهم الله لذلك لئلا يختاروا كلهم صناعة واحدة فتبطل الأقوات والمعاونات، ولولا ذلك ما اختاروا من الأسماء إلا أحسنها، ومن البلاد إلا أطيبها، ومن الصناعات إلا أجملها، ومن الأفعال إلا أرفعها، ولتنازعوا فيه، لكن الله بحكمته جعل كلا منهم في ذلك مخيرا، فالناس إما راض بصنعته لا يبغي عنها حولا، كالحائك الذي رضي بصناعته ويعيب الحجام الذي يرضى بصناعته، وبذلك انتظم أمرهم كل حزب بما لديهم فرحون وإما كاره لها يكابدها مع كراهته إياها، كأنه لا يجد عنها بدلا، وعلى ذلك دل هذا الحديث نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات فالتباين والتفرق والاختلاف سبب الالتئام والاجتماع والاتفاق، فسبحان الله ما أحسن صنعه.

(حم ق د عن عمران بن حصين ، ت عن عمر) بن الخطاب ، (حم عن أبي بكر) الصديق قيل: يا رسول الله، أتعرف أهل الجنة من أهل النار؟ قال: نعم، قال: فلم يعمل العاملون؟ فذكره.




الخدمات العلمية