الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : أرأيت إن أعتق عبدا عن ظهاره وفي يد العبد مال ؟ فقال له سيده : أعتقك عن ظهاري أو عن شيء من الكفارات على أن تعطيني هذا المال الذي عندك ؟ فقال : إذا كان المال عند العبد قبل أن يعتق ولم يجعل السيد المال عليه للعتق دينا فلا بأس بذلك ، لأن هذا المال قد كان للسيد أن ينتزعه وإنما اشترط أخذه من العبد فلا بأس بذلك ، وقد سمعت مالكا وسأله رجل عن رجل أوصى إليه بعتق رقبة فوجد رقبة تباع فأبى أهلها أن يبيعوها إلا أن يدفع العبد إلى سيده مالا .

                                                                                                                                                                                      قال : إن كان ينقده العبد فلا بأس بأن يبتاعها الوصي ويعتقه عن الذي أوصى إليه ، فردد عليه الرجل ، فقال : إنما [ ص: 330 ] يبيعه لمكان ما يأخذ منه وأنا لم أدخل في ذلك بشيء ، والقائل أنا لم أدخل في ذلك بشيء هو المشتري فقال مالك : أليس يدفع إليه ذلك نقدا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : بلى ، قال : فاشتره وأعتقه عن صاحبك ولا شيء عليك وهو يجزئ عن صاحبك فمسألتك مثل هذا وأخف لأنه إنما يأخذ ماله من عبده وهو قد كان يجوز له أن يأخذه ، فلا بأس أن يشترط أخذه ، وقد قال ابن عمر ومعقل بن سنان صاحبا النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهما من أهل العلم لا تجزئ الرقبة تشترى بشرط في العتق الواجب .

                                                                                                                                                                                      وقال ربيعة : لا تجزئ إلا مؤمنة .

                                                                                                                                                                                      وقال عطاء : لا تجزئ إلا مؤمنة صحيحة .

                                                                                                                                                                                      وقال يحيى بن سعيد وإبراهيم النخعي والشعبي في الأعمى لا يجزئ .

                                                                                                                                                                                      وقال ابن شهاب مثله .

                                                                                                                                                                                      وقال ابن شهاب ولا مجنون ولا أعمى ولا أبرص .

                                                                                                                                                                                      قال يحيى ولا أشل وقال عطاء ولا أعرج ولا أشل .

                                                                                                                                                                                      وقال إبراهيم النخعي والحسن يجزئ الأعور ، وكان إبراهيم يكره المغلوب على عقله .

                                                                                                                                                                                      وقال ربيعة لا تجزئ أم الولد ولا المكاتب .

                                                                                                                                                                                      وقال إبراهيم النخعي والشعبي لا تجزئ أم الولد .

                                                                                                                                                                                      وقال ابن شهاب لا يجزئ المدبر لما عقد له من العتق ، وإن أبا هريرة وفضالة بن عبيد قالا : يعتق ولد الزنا فيمن عليه عتق رقبة ، وقال عبد الله بن عمر وربيعة وابن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة وعطاء وخالد بن أبي عمران يجزئ الصبي الصغير المرضع في الكفارة وقاله الليث وإن كان في المهد ، والأجر على قدر ذلك .

                                                                                                                                                                                      قال : وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل ، أي الرقاب أفضل ؟ { فقال : أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها } لابن وهب من موضع اسمه .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية