حدود المرتد والمرتدة وفرائضهما قلت : أرأيت من فقال : نعم ، يسقط عنه كل ما وجب لله عليه إلا الحدود والفرية والسرقة وحقوق الناس ، وما كان عمله كافر في حال كفره ثم أسلم ، لم يوضع عنه ، ومما يبين لك ذلك أنه يوضع عنه ما ضيع من الفرائض التي هي لله أنه لو حج حجة الإسلام قبل ارتداده ثم ارتد ثم رجع إلى الإسلام أن عليه أن يحج بعد رجوعه إلى الإسلام حجة أخرى حجة الإسلام . ارتد عن الإسلام أيسقط عنه ما كان قد وجب عليه من النذور وما كان ضيع من الفرائض الواجبة التي وجبت عليه قضاؤها والحدود التي هي لله أو للناس إذا رجع إلى الإسلام ، أو مرض في رمضان فوجب عليه قضاؤه أيسقط عنه شيء من هذه الأشياء ؟
قال : لأن الله يقول في كتابه : { مالك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } فحجه من عمله وعليه حجة أخرى ، فهذا يخبرك أن ما فعل من الفرائض قبل ارتداده لم ينفعه ، فكذلك ما ضيع قبل ارتداده لا يكون عليه وهو ساقط عنه .
قلت : فإن ثبت على ارتداده أيأتي القتل على جميع الحدود التي عليه إلا الفرية [ ص: 228 ] فإنه يجلد ثم يقتل ؟
قال : نعم .
قلت : ويأتي القتل على القصاص الذي هو للناس ؟
قال : نعم .
قلت : أتحفظ هذا عن ؟ مالك
قال : نعم .
قلت : أرأيت الرجل المسلم يتزوج المرأة ويدخل بها ثم يرتد عن الإسلام ثم يرجع إلى الإسلام فيزني قبل أن يتزوج من بعد الردة أيرجم أم لا يرجم ؟ قال : لا أرى أن يرجم ولم أسمعه من ، ولكن مالك سئل عنه إذا ارتد وقد حج ثم رجع إلى الإسلام أيجزئه ذلك الحج ؟ مالكا
قال : لا ، حتى يحج حجة مستأنفة فإذا كان عليه حجة الإسلام حتى يكون إسلامه ذلك كأنه مبتدأ ، مثل من أسلم كان ما كان من زنا قبله موضوعا عنه ، وما كان لله وإنما يؤخذ في ذلك بما كان للناس من الفرية والسرقة مما لو عمله وهو كافر ، كان ذلك عليه وكل ما كان لله مما تركه قبل ارتداده من صلاة تركها أو صيام أفطره من رمضان أو زكاة تركها أو زنا زناه فذلك كله عنه موضوع ويستأنف بعد أن يرجع إلى الإسلام ما كان يستأنفه الكافر إذا أسلم . قال ابن القاسم : وهذا ما سمعت وهو رأيي .
قال ابن القاسم : والمرتد إذا ارتد وعليه نذر بالعتق أو عليه ظهار أو عليه أيمان بالله قد حلف بها إن الردة تسقط عنه .
قلت : أرأيت الرجل المرتد يوصي بوصايا فيقتل على الكفر أيكون على الأهل الوصايا أم لا ؟
قال : قال لي : لا يرثه ورثته فأرى أنه لا شيء لأهل الوصايا ولا تجوز وصية رجل إلا في ماله ، وهذا المال ليس هو للمرتد ، قد صار لجماعة المسلمين ، ووصاياه قبل الردة بمنزلة وصيته بعد الردة ، ألا ترى أنه لو أوصى بعد الردة بوصية لم تجز وصيته وماله محجوب عنه إذا ارتد . مالك