الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                20 - تسليم الجار مع الشريك صحيح ، ولو سلم الشريك لم يأخذ الجار .

                [ ص: 184 ] سلام الشفيع على المشتري لا يبطلها ، وهو المختار .

                الإبراء العام [ ص: 185 ] من الشفيع يبطلها قضاء مطلقا ولا يبطلها ديانة إن لم يعلم بها إذا صبغ المشتري البناء فجاء الشفيع فهو مخير ، إن شاء أعطاه ما زاد الصبغ وإن شاء ترك 23 - كذا في الولوالجية .

                وفيه نظر

                التالي السابق


                ( 20 ) قوله : تسليم الجار مع الشريك صحيح إلخ .

                أقول : إنما كان تسليم الجار مع وجود الشريك صحيحا لصحة طلب الشفعة مع وجوده ، وإن لم يكن له حق الأخذ في الحال ; قال المولى علاء الدين الأسود في شرح الوقاية : إن في كل موضع سلم الشريك الشفعة إنما يثبت للجار حق الشفعة إذا كان الجار قد طلب الشفعة حين سمع [ ص: 184 ] بالبيع وإن لم يكن له حق الأخذ في الحال أما إذا طلب حتى سلم الشريك فلا شفعة له ( انتهى ) .

                وقوله : حتى لو سلم الشريك إلخ .

                تفريع على صحة تسليم الجار مع وجود الشريك ووجه التفريع أنه لما كان تسليما مع وجود الشريك صحيحا لم يبق له حق الشفعة عند تسليم الشريك لسقوط حقه بالتسليم فلم يكن له الأخذ بالشفعة بعد ذلك .

                وفي القنية في باب ما يبطل به حق الشفعة : ولو كان للمبيع شريك وجار فسمعا البيع فطلب الشريك ، ومكث الجار ثم سلم الشريك فلا شفعة للجار لتركه طلب المواثبة ( انتهى ) .

                وفيها في باب طلب المشفوع : للجار طلب الشفعة مع غيبة الخليط فإذا حضر الخليط فهو أحق به ، وإن لم يطلبه الجار حتى حضر الخليط ، وسلم بطلت الشفعة ( انتهى ) .

                والخليط أعم من الشريك فكل شريك خليط ولا عكس .

                والخليط في حق المبيع شريك خاص كذا بخط الفاضل القرماني ومن خطه نقلت ( انتهى ) .

                وفي المستصفى شرح النافع : الخليط والشريك ينبئان عن معنى واحد ولا فرق بينهما من حيث اللغة وفي الثامن عشر من المحيط : إن الطلب واجب على الكل يعني الشريك والخليط والجار ، وإن لم يتمكنوا من أخذه ، ألا ترى أن الجار إذا لم يطلب الشفعة لمكان الشريك ثم سلم الشريك الشفعة لم يكن للجار شفعته ( انتهى ) .

                وذكر البزازي نقلا عن المحبوبي في ترتيب الشفعة : الشريك في البيت ثم في الدار ثم الشريك في الأساس ثم الشريك في الشرب ثم في الطريق ثم الجار الملازق ، وهو الذي لكل منهما حائط على حدة ، وليس بين الحائطين ممر لضيق المكان ولالتصاق الحائطين حتى لو كان بينهما طريق نافذ فلا شفعة للجار ، ولا شفعة للجار المقابل إذا كانت المحلة نافذة وتجب الشفعة إذا كانت غير نافذة ، والشفيع في الطريق من الجار ; قال مشايخنا : لم يرد به طريقا عاما ; لأنه غير مملوك لأحد ، وإنما أراد به ما يكون في سكة غير نافذة ( انتهى ) .

                وتمام الكلام فيها .

                ( 21 ) قوله : سلام الشفيع على المشتري لا يبطلها هو المختار إلخ .

                كما في الخلاصة لقوله عليه الصلاة والسلام { من كلم قبل السلام فلا تجيبوه } وفي الولوالجية : رجل اشترى عقارا فلقيه الشفيع واقفا مع الأب فسلم الشفيع قبل أن يطلب الشفعة إن [ ص: 185 ] سلم على الأب تبطل الشفعة ، وإن سلم على الابن لا ; لأن الشفيع محتاج إلى التسليم على الابن ; لأنه هو المشتري ; لأن مفتاح الكلام السلام وغير محتاج إلى السلام على الأب ( انتهى ) .

                وفي الظهيرية : أن الكلام قبل السلام مكروه .

                ( 22 ) قوله : من الشفيع يبطلها إلخ .

                المسألة في الولوالجية وعبارتها : دار بيعت فقال للشفيع أبرئنا من كل خصومة لك قبلنا ففعل ، وهو لا يعلم أنه وجبت له قبلهما شفعة لا شفعة له في القضاء ، وله الشفعة فيما بينه وبين الله - تعالى - إذا كان بحال لو يعلم بذلك لم يبرئهما ، أما الأول فلأنه أبطل ، وأما الثاني فلأنه لم يرض بهذا الإبطال .

                ونظير هذا ما لو قال رجل لآخر : اجعلني في حل ، ولم يبين ما له قبله فجعله في حل يصير في حل ولا يبقى له قبله شيء في القضاء ويبقى فيما بينه وبين الله - تعالى - إذا كان بحال لو علم بذلك الحق لم يبرأ منه ( انتهى ) .

                أقول يشكل عليه ما في الظهيرية إذا قال : إن لم أجئ بالثمن إلى ثلاثة أيام فأنا بريء من الشفعة فلم يجئ بالثمن إلى الوقت الذي وقت ; ذكر ابن رستم عن محمد أنه تبطل شفعته وقال عامة المشايخ : لا تبطل شفعته وهو الصحيح ; لأن الشفعة متى ثبتت بطلب المواثبة وتقررت بالإشهاد لا تبطل ما لم يسلم بلسانه ( انتهى ) وهو صريح في أنها لا تبطل بالإبراء الخاص على ما هو الصحيح فبالإبراء العام أحرى أن لا تبطل .

                ( 23 ) قوله : كذا في الولوالجية وفيه نظر .

                أقول : ظاهره أن قوله وفيه نظر من كلامه لا من كلام الولوالجي وليس كذلك بل هو من كلامه وبين وجه النظر بأن المشتري إذا بنى في الدار المشفوعة بناء كان للشفيع أن ينقض البناء ويأخذ الدار ، ولا يعطيه ما زاد فيها ( انتهى )




                الخدمات العلمية