الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 109 ] التمكن من الانتفاع يوجب الأجر إلا في مسائل : الأولى : إذا كانت الإجارة فاسدة فلا تجب بحقيقة الانتفاع كما في فصول العمادية . 7 -

                وظاهر ما في الإسعاف إخراج الوقف فتجب أجرته في الفاسدة بالتمكن .

                الثانية : إذا استأجر دابة للركوب خارج المصر فحبسها عنده ولم يركبها . 8 - فلا أجر له كما في الخانية ، بخلاف ما إذا استأجرها للركوب في المصر فحبسها ولم يركبها .

                الثالثة : إذا استأجر ثوبا كل يوم بدانق فأمسكه سنين من غير لبس ، [ ص: 110 ] لم يجب أجر ما بعد المدة التي لو لبسه لتخرق كما في الخلاصة .

                وتفرع على الثانية أنها لو هلكت في زمان إمساكها عنده يضمنها ، لأنه لما لم يجب الأجر لم يكن مأذونا في إمساكها ، بخلاف ما إذا استأجرها للركوب في المصر فهلكت بعد إمساكها . [ ص: 111 ]

                كما في فروق الكرابيسي

                [ ص: 109 ]

                التالي السابق


                [ ص: 109 ] قوله : التمكن من الانتفاع يوجب الأجر إلخ .

                في البزازية : إنما يجب الأجر في الفاسد بحقيقة الاستيفاء إذا وجد التسليم من جهة الإجارة وإن كان التسليم إليه لا من جهة الإجارة لا تجب الأجرة وإن وجد حقيقة الاستيفاء .

                واعلم أن التمكن من استيفاء المنافع إنما يوجب الأجر بشرطين أحدهما أن يتمكن في المكان الذي أضيف العقد إليه ، الثاني أن تكون في المدة المضاف إليه العقد .

                فما ذكره المصنف رحمه الله من الصورة الثانية محترز القيد الأول وأطلق المصنف رحمه الله الأجر ولم يبين هل المراد المسمى أو أجر المثل هل يجب بالغا ما بلغ أو لا يتجاوز المسمى ؟ فأقول : إن فسدت بجهالة المسمى أو بعدم التسمية يجب أجر المثل بالغا ما بلغ وإن لم تفسد بهما بل بالشرط أو بالشيوع الأصلي أو بجهالة الوقت والمسمى معلوم لم يزد أجر المثل على المسمى . ( 7 ) قوله :

                وظاهر ما في الإسعاف إلخ حيث قال : ولو استأجر أرضا أو دار وقف إجارة فاسدة فزرعها أو سكنها تلزمه أجرة مثلها لا يتجاوز المسمى ولو لم يزرعها أو لم يسكنها لا تلزمه أجرة وهذا على قول المتقدمين ( انتهى ) .

                ويفهم من قوله " على قول المتقدمين " أن على قول المتأخرين يلزمه الأجر ( 8 ) قوله :

                فلا أجر له كما في الخانية إلخ .

                عبارتها : رجل استأجر قميصا ليلبسه ويذهب إلى مكان كذا فلبسه في منزله ولم يذهب إلى ذلك المكان ، اختلفوا فيه قال [ ص: 110 ] الفقيه أبو بكر البلخي لا أجر له لأنه مخالف ضامن ، وقال الفقيه أبو الليث عندي عليه الأجر ولا يكون مخالفا لأن الأجر مقابل باللبس لا بالذهاب إلى ذلك الموضع وإنما ذكر الذهاب إلى ذلك الموضع ليكون مأذونا في الذهاب به إلى ذلك المكان .

                قال رحمه الله وعلى هذا الخلاف ما لو استأجر دابة ليركبها إلى موضع كذا فركبها في المصر في حوائجه ولم يذهب إلى ذلك المكان فإنه يكون مخالفا ضامنا ولا أجر عليه لأن في إجارة الدابة بيان مكان الركوب شرط لصحة الإجارة ، لأن الركوب في بعض المواضع وبعض الطرق قد يكون أضر بالدابة فيكون ذكر المكان للتقييد ، فأما في إجارة الثوب لا يشترط بيان مكان اللبس وإنما يشترط بيان الوقت لأن اللبس في بعض الأوقات قد يكون أضر من البعض .

                ثم قال : رجل استأجر دابة ليركبها يوما إلى الليل فأمسكها في بيته ولم يركب ذكر في الكتاب أنه إذا استأجرها ليركبها خارج المصر إلى مكان معلوم فأمسكها في بيتها لا أجر عليه لأنه لا يجب الأجر بهذا الإمساك فلم يكن مأذونا فيه فكان ضامنا وإن كان استأجرها ليركبها في المصر فأمسكها ولم يركب لا يكون ضامنا لأن الأجر يجب بهذا الإمساك فيكون مأذونا فيه فلا يكون ضامنا .

                قالوا في الوجه الأول إنما يضمن إذا أمسك زمانا لا يمسك مثله للخروج إلى ذلك المكان عادة فيرجع فيه إلى العادة أن من استأجر دابة إلى الخروج إلى ذلك المكان إن قدر يمسكها ليتهيأ له الخروج إلى ذلك المكان . ( 9 ) قوله :

                لم يجب أجر ما بعد المدة إلخ .

                في البزازية في أوائل كتاب الإجارة : استأجر ثوبا ليلبسه بدانق كل يوم فوضعه في منزله مدة ولم يلبسه يلزمه أجرة المدة التي لو لبس لا يتخرق فيها ولا يلزم لما بعدها لأنه لا يمكن تقدير الانتفاع بعدها ، كالمرأة أخذت الكسوة ولم تلبسها ( انتهى ) .

                وفي الولوالجية : عليه لكل يوم دانق إلى [ ص: 111 ] الوقت الذي لو لبسه إلى ذلك الوقت لخرق فإذا تخرق سقط عنه الأجر لأن في اليوم الأول الإجارة منعقدة وفي الثاني والثالث مضافة وإنما ينعقد العقد عليه بدخوله وهو في يده فدخل وهو قادر على الانتفاع به لأنه ليس في وسع الأجر إلا التمكين وقد وجد فتجب الأجرة كمن استأجر دارا ليسكنها فقبضها وأخذ المفتاح ولم يسكن حتى مضت المدة كانت الأجرة عليه كذا ههنا .

                وروي عن محمد رحمه الله مثل هذا ( انتهى ) .

                ومنه يتضح عبارة المصنف رحمه الله ويظهر أن لا صحة لهذا الاستثناء كما هو ظاهر . ( 10 ) قوله :

                كما في فروق الكرابيسي .

                الصواب كما في فروق المحبوبي وعبارته إذا استأجر دابة ليركبها يوما إلى الليل فجلس في بيته ولم يركب فهلكت الدابة ، إن استأجرها ليركبها خارج المصر يضمن وإن استأجرها ليركبها في المصر لا يضمن لأن في الفصل الأول بهذا الحبس لا يوجب الأجر فلم يكن مأذونا وفي الفصل الثاني يجب الأجر بهذا الحبس فيكون مأذونا




                الخدمات العلمية