الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                46 - وكفالته باطلة ولو عن أبيه ،

                47 - وصحت له [ ص: 324 ]

                48 - وعنه مطلقا . وقد جمع العمادي في فصوله أحكام الصبيان ، فمن أراد الاطلاع على كثرة فروعنا وحسن تقريرنا واستيعابنا وعلى نعم الله تعالى علينا فيما نقصده من جمع المتفرق فلينظر [ ص: 325 ] ما ذكره العمادي ; وقد ذكر العمادي ما يكون به بالغا ، وما يتعلق به تركناه قصدا لتصريحهم به في كتاب الحجر ، وكتابنا هذا إن شاء الله تعالى كتاب المفردات الملتقطات

                التالي السابق


                ( 46 ) قوله : وكفالته باطلة . مصدر مضاف لفاعله والمفعول محذوف والتقدير كفالة الغير باطلة . قال محمد في الأصل : ولا تجوز كفالة الصبي سواء كان الصبي محجورا عليه أو مأذونا له في التجارة وسواء أذن له أبوه في الكفالة أو لم يأذن له ; لأن إذن الأب للصبي في الكفالة باطل لأنه إذن بما هو تبرع والتبرع غير داخل تحت ولاية الأب فلا يملك الإذن بما تبرع . قال : ولو كان لرجل قبل رجل مال فأدخل المطلوب ابنه في كفالة ذلك المال وقد راهق ولم يحتلم كان ذلك باطلا ولا يقف على إجازة الصغير إذا بلغ ; لأنه لا مجيز لها حال وقوعها ، فإن بلغ وأقر بالكفالة قبل البلوغ فإقراره باطل ; لأنه أقر بكفالة باطلة وإن جدد الكفالة بعد البلوغ صحت الكفالة هذا إذا كان الدين دين الأب فإن كان الدين دين الصبي بأن اشترى الأب أو الوصي شيئا للصغير بالنسيئة وأمر الصبي حتى ضمن بالمال لصاحب الدين وضمن لنفس الأب والوصي فضمانه بالمال جائز وضمانه بنفس الأب أو الوصي باطل ، أما ضمانه بالمال فلأنه التزم شيئا كان عليه قبل الضمان فإن قبل : الضمان كان يرجع ذلك المال عليه فلم يكن هذا الضمان تبرعا ، وأما الضمان بنفس الأب والوصي فلأنه التزم شيئا كان لا يلزمه ذلك قبل الضمان وهو إحضارهما مجلس الحكم كذا في جامع أحكام الصغار .

                ( 47 ) قوله : وصحت له . قيل : عليه : في جامع الفصولين الكفالة للصبي لم تجز ثم علل بأنها لا بد فيها من القبول وهو ليس أهلا لذلك فما ذكره هنا يتأتى على قول أبي يوسف الأخير القائل بعدم توقفها على القبول أو على ما إذا كانت بإذن أبيه أو وصيه [ ص: 324 ] انتهى ) . وفي فوائد أبي حفص الكبير : الكفالة للصبي المحجور عليه لا تجوز قيل له الصبي محجور عليه من المضار لا على المنافع بدليل قبول الهبة والصدقة هذا منفعة فتجوز قال : لأن الهبة والصدقة تصح بالفعل وفعله معتبر فأما ههنا لا بد من قبول وهو قول ، وقوله : غيره معتبر . قيل : يشكل بما لو أجر نفسه يجب الأجر وذلك قول ; قال في الإجارة قد يجب الأجر من غير قول فإن رجلا لو استعمل إنسانا من غير عقد ورأى القاضي أن يوجب الأجر عليه يجب الأجر ولا عبرة للقول في وجوب الأجرة ( انتهى ) . وبه يظهر عدم صحتها في الصورة المذكورة .

                ( 48 ) قوله : وعنه مطلقا . أي إذا كفل عنه بمال بأمره وأدى كان له أن يرجع بذلك عليه لأن أمر الصبي المأذون له بالكفالة بنفسه وبما عليه معتبر شرعا وإن كان لا تجوز كفالته عن الغير ; لأن كفالته عن الغير تبرع منه على الغير من وجه وهو ليس من أهل التبرع ، أما الإذن بالكفالة عنه طلب التبرع عليه وهو من أهل التبرع عليه وإن كان الصبي محجورا لا يجبر على أن يحضر مع الكفيل لأن أمره بالكفالة لم يصح ، وإن كان الصبي غير تاجر فطلب أبوه من رجل أن يضمنه فضمنه كان جائزا وأخذ به الكفيل وكذلك وصيه أو جده إن كان الأب ميتا ، وكذلك القاضي إذا لم يكن له وصي ولا جد ، فإن تغيب الغلام وأخذ الكفيل بالغلام وقال : أنت أمرتني أن أضمنه فخلصني فإن الأب يؤخذ بذلك حتى يحضر ابنه وليس طريقه أن الأب أمره بالكفالة عن الصغير فإن مجرد الأمر بالكفالة عن الغير لا يثبت للمأمور حق مطالبة الآمر ; ألا ترى أن من قال لغيره : أكفل بنفس فلان ابن فلان وكفل وغاب المطلوب فأراد الطالب أن يطالب الآمر بالكفالة بإحضار المطلوب لم يكن له ذلك ولكن طريقه أن الصبي في يده وقبضه وتدبيره ; ولهذا قالوا : إن الصبي المأذون له إذا أعطى كفيلا بنفسه ثم تغيب الصبي فإن الأب يطالب بإحضاره ، وطريقه أن الصبي في يده وتدبيره ، كذا في جامع أحكام الصغار




                الخدمات العلمية