الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1856 [ ص: 67 ] 65 - حدثنا عبد الله بن يوسف : أخبرنا مالك ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وأبو حازم بالحاء المهملة وبالزاي اسمه سلمة بن دينار .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه مسلم ، عن زهير بن حرب ، وعن محمد بن يحيى ، وأخرجه ابن ماجه ، عن هشام بن عمار ، وأخرجه الترمذي أيضا ، وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه رواه أبو داود عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال الدين ظاهرا ما عجل الناس الفطر . وعن ابن عباس رواه أبو داود الطيالسي في ( مسنده ) عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نعجل إفطارنا ، ونؤخر سحورنا ، ونضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة .

                                                                                                                                                                                  ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في ( سننه ) قال : هذا حديث يعرف بطلحة بن عمرو المكي ، وهو ضعيف .

                                                                                                                                                                                  واختلف عليه فيه ، فقيل عنه هكذا ، وقيل عنه : عن عطاء ، عن أبي هريرة ، وروي من وجه آخر ضعيف ، عن أبي هريرة ، ومن وجه آخر ضعيف عن ابن عمر ، وروي عن عائشة من قولها : ثلاثة من النبوة .. فذكرهن ، وهو أصح ما ورد فيه ، وعن عائشة رواه مسلم ، والترمذي ، والنسائي من رواية أبي عطية قال : دخلت أنا ومسروق على عائشة ، فقلنا : يا أم المؤمنين رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة ، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة ، قالت : أيهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة ؟ قلنا : عبد الله بن مسعود ، قالت : هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والآخر أبو موسى . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وأبو عطية اسمه مالك بن أبي عامر الهمداني ، ويقال : مالك بن عامر ، وعن ابن عمر رواه ابن عدي في ( الكامل ) عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنا معاشر الأنبياء أمرنا بثلاث : بتعجيل الفطر ، وتأخير السحور ، ووضع اليد اليمنى على اليد اليسرى في الصلاة . قال : وهذا غير محفوظ .

                                                                                                                                                                                  وعن أنس رواه أبو يعلى في ( مسنده ) ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، عن حميد ، عن أنس قال : ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قط صلى صلاة المغرب حتى يفطر ، ولو كان على شربة من ماء . وإسناده جيد .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ما عجلوا الفطر ) زاد أبو ذر في حديثه : وأخروا السحور . أخرجه أحمد ، وكلمة "ما" ظرفية ، أي مدة فعلهم ذلك امتثالا للسنة واقفين عند حدها غير متنطعين بعقولهم ما يغير قواعدها ، وزاد أبو هريرة في حديثه : لأن اليهود والنصارى يؤخرون . أخرجه أبو داود ، وابن خزيمة ، وتأخير أهل الكتاب له أمد ، وهو ظهور النجم ، وقال المهلب : الحكمة في ذلك أن لا يزاد في النهار من الليل ، ولأنه أرفق للصائم ، وأقوى له على العبادة ، واتفق العلماء على أن محل ذلك إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو بإخبار عدلين ، وكذا عدل واحد في الأرجح عند الشافعية ، وقال ابن دقيق العيد : في هذا الحديث رد على الشيعة في تأخيرهم الفطر إلى ظهور النجوم . قال بعضهم : الشيعة لم يكونوا موجودين عند تحديثه صلى الله عليه وسلم بذلك .

                                                                                                                                                                                  قلت : يحتمل أن يكون أنه صلى الله عليه وسلم كان علم بما يصدر في المستقبل من أمر الشيعة في ذلك الوقت بإطلاع الله عز وجل إياه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية