الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2025 82 - حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبيع الرجل طعاما حتى يستوفيه. قلت لابن عباس: كيف ذاك؟ قال: ذاك دراهم بدراهم، والطعام مرجأ.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة; لأنها فيما يذكر في البيع قبل القبض، وأنه لا يصح حتى يقبضه أو يستوفيه، فكذلك الحديث في أنه لا يصح حتى يستوفيه. ورجاله قد ذكروا غير مرة، وابن طاوس هو عبد الله.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في البيوع أيضا، عن إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعبد بن حميد، وعن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب وإسحاق بن إبراهيم أيضا. وأخرجه أبو داود فيه، عن أبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة. وأخرجه النسائي فيه، عن محمد بن رافع به، وعن أحمد بن حرب وقتيبة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "حتى يستوفيه" أي حتى يقبضه، وقد ذكرنا أن القبض والاستيفاء بمعنى واحد.

                                                                                                                                                                                  قوله: "قلت لابن عباس" القائل هو طاوس.

                                                                                                                                                                                  قوله: "كيف ذاك" يعني كيف حال هذا البيع حتى نهى عنه؟

                                                                                                                                                                                  قوله: "قال ذاك" أي قال ابن عباس يكون حال ذاك البيع دراهم بدراهم، والطعام غائب، وهو معنى قوله: "والطعام مرجأ" أي مؤخر مؤجل، معناه أن يشتري من إنسان طعاما بدرهم إلى أجل، ثم يبيعه منه أو من غيره قبل أن يقبضه بدرهمين مثلا، فلا يجوز; لأنه في التقدير بيع درهم بدرهم، والطعام غائب، فكأنه قد باعه درهمه الذي اشتري به الطعام بدرهمين فهو ربا; ولأنه بيع غائب بناجز فلا يصح، وقال ابن التين: قول ابن عباس: دراهم بدراهم تأوله علماء السلف، وهو أن يشتري منه طعاما بمائة إلى أجل، ويبيعه منه قبل قبضه بمائة وعشرين، وهو غير جائز; لأنه في التقدير بيع دراهم بدراهم، والطعام مؤجل غائب. وقيل: معناه أن يبيعه من آخر ويحيله به.

                                                                                                                                                                                  قوله: "والطعام مرجأ" مبتدأ وخبر وقعت حالا، ومرجأ بضم الميم وسكون الراء، يهمز ولا يهمز، وأصله من أرجيت الأمر وأرجأته إذا أخرته، فتقول من الهمز مرجئ بكسر الجيم للفاعل، والمفعول مرجأ، وإذا لم تهمز قلت: مرج للفاعل ومرجى للمفعول، ومنه قيل: المرجئة، وهم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة، سموا مرجئة لاعتقادهم [ ص: 251 ] أن الله تعالى أرجأ تعذيبهم على المعاصي أي أخره عنهم، وكذلك المرجئة تهمز ولا تهمز، وقال ابن الأثير: وفي الخطابي على اختلاف نسخه "مرجى" بالتشديد.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية