الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1892 102 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا معاذ قال : أخبرنا ابن عون ، عن زياد بن جبير قال : جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال : رجل نذر أن يصوم يوما ، قال : أظنه قال : الاثنين ، فوافق يوم عيد ؟ فقال ابن عمر : أمر الله بوفاء النذر ، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم هذا اليوم .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم هذا اليوم ، وهو يوضح الإبهام الذي في الترجمة .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : لم يفسر العيد في الأثر ، فكيف يكون التطابق ؟

                                                                                                                                                                                  قلت : المسئول عنه يوم النحر ؛ لأنه مصرح به في رواية يزيد بن زريع ، عن يونس ، عن زياد بن جبير قال : كنت مع ابن عمر ، فسأله رجل ، فقال : نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثا أو أربعا ما عشت فوافقت [ ص: 112 ] هذا اليوم يوم النحر ، فقال : أمر الله تعالى بوفاء النذر ، ونهينا أن نصوم يوم النحر ، فأعاد عليه ، فقال مثله لا يزيد عليه . رواه البخاري في كتاب الأيمان والنذور في باب من نذر أن يصوم أياما فوافق يوم النحر ، على ما يجيء إن شاء الله تعالى ، وأخرجه مسلم ، عن زياد بن جبير قال : جاء رجل إلى ابن عمر ، فقال : إني نذرت أن أصوم يوما ، فوافق يوم أضحى أو فطر .. الحديث .

                                                                                                                                                                                  وكذلك في رواية أحمد ، عن إسماعيل بن علية ، عن يونس ، وفي رواية وكيع : فوافق يوم أضحى أو فطر .

                                                                                                                                                                                  ذكر رجاله ، وهم أربعة :

                                                                                                                                                                                  الأول : محمد بن المثنى ، وقد مر غير مرة .

                                                                                                                                                                                  الثاني : معاذ بن معاذ العنبري .

                                                                                                                                                                                  الثالث : ابن عون هو عبيد الله بن عون بن أرطبان البصري .

                                                                                                                                                                                  الرابع : زياد بن جبير بضم الجيم ، وفتح الباء الموحدة ، ابن حية بفتح الحاء المهملة ، وتشديد الياء آخر الحروف ، الثقفي ، وقد مر في باب نحر الإبل المقيدة بالحج .

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه :

                                                                                                                                                                                  قوله ( جاء رجل ) لم يدر اسمه ، وفي رواية أحمد ، عن هشيم ، عن يونس بن عبيد ، عن زياد بن جبير : رأيت رجلا جاء إلى ابن عمر .. فذكره ، وفي رواية له ، عن إسماعيل ، عن يونس بسنده : سأل رجل ابن عمر ، وهو يمشي بمنى .

                                                                                                                                                                                  قوله ( قال أظنه ) أي : قال الرجل الجائي أظنه قال يوم الاثنين ، فهذا يدل على أن القضية ليست للرجل الجائي ؛ لأنه قال : فقال رجل نذرت ، ورواية مسلم التي ذكرناها الآن تدل على أن القضية للرجل الجائي حيث قال زياد بن جبير : كنت مع ابن عمر ، فسأله رجل ، فقال : نذرت أن أصوم .. الحديث . وكذلك في رواية البخاري عن يزيد بن زريع ، وقد مضى الآن .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فوافق ذلك ) أي : وافق نذره بصوم يوم عيد .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فقال ابن عمر .. ) إلى آخره حاصله أن ابن عمر توقف عن الجزم بجوابه لتعارض الأدلة عنده ، ويحتمل أنه عرض للسائل بأن الاحتياط لك القضاء ، فتجمع بين أمر الله ، وهو قوله : وليوفوا نذورهم ، وبين أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، وهو أمره بترك صوم يومي العيد . وقال الخطابي : قد تورع ابن عمر عن قطع الفتيا فيه . انتهى . وقيل : إذا تلاقى الأمر والنهي في محل قدم النهي ، وقيل : يحتمل أن يكون ابن عمر أراد أن كلا من الدليلين يعمل به ، فيصوم يوما مكان يوم النذر ، ويترك صوم يوم العيد ، وقيل : إن ابن عمر نبه على أن الوفاء بالنذر عام ، والمنع من صوم يوم العيد خاص ، فكأنه أفهمه أنه يقضي بالخاص على العام ، ورد عليه بأن النهي عن صوم يوم العيد فيه أيضا عموم للمخاطبين ولكل عيد ، فلا يكون من حمل الخاص على العام .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية