الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا تأخر فمات بعد يوم فما زاد نظر في حاله مدة حياته ، فإن لم يزل فيها ضنيا مريضا حتى مات فالظاهر من موته أنه بضربه فعليه الغرة .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون مدة حياته ساكنا سليما فالظاهر من موته أنه من غير الضرب المتقدم ، لأنه قد يموت من غير ضرب فلا شيء على الضارب ، فإن ادعى الوارث عليه موته من ضربه أحلفه وبرئ بعد يمينه ، ولو اشتبهت حاله مدة حياته هل كان فيها ضنيا مريضا وساكنا سليما سئل عنه أهل الخبرة من قوابل النساء ، لأنهن بعلل المولود أخبر من الرجال ، فإن شهدن بمرضه ضمن الضارب ديته ، وإن شهدن بصحته لم يضمنها .

                                                                                                                                            قال الربيع : وفيه قول آخر أنه لا تقبل فيه إلا شهادة الرجال ، لأنه قد تعرفه منهم من يعرفه ، فمن أصحابنا من أثبته قولا للشافعي ومنهم من أنكره ونسبه إلى الربيع ، فلو ادعى الوارث مرضه في مدة حياته يكون الضارب ضامنا لديته وادعى الضارب أنه كان صحيحا فيها ليبرأ من ديته فالقول قول الضارب مع يمينه ، لأن الأصل براءة ذمته ولا ضمان عليه إلا أن يقيم الوارث البينة بمرضه فيحكم بعد إقامتها بمرضه ، ويصير القول قول الوارث مع يمينه أنه مات من الضرب ، ويضمن الضارب ديته ، ويجوز أن يشهد بمرضه النساء المنفردات على الظاهر من مذهب الشافعي : لأنها حالة يشهدها النساء وهن بمرض المولود أعرف من الرجال ، وفيه تخريج قول آخر للربيع أنه لا يسمع فيه إلا شهادة الرجال ، إما حكاية عن الشافعي أو تخريجا عن نفسه على ما قدمناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية