الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وأقل ما يكون به جنينا أن يفارق المضغة والعلقة حتى يتبين منه شيء من خلق آدمي إصبع أو ظفر أو عين أو ما أشبه ذلك .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اختلف الفقهاء في حد الجنين الذي تجب فيه الغرة على ثلاثة مذاهب :

                                                                                                                                            أحدها : وهو قول الشعبي ومالك والحسن بن صالح . أن في أقل الحبل غرة .

                                                                                                                                            والثاني : وهو قول أبي حنيفة : أن فيه ما لم يبن خلقه حكومة ، فإذا بان خلقه ففيه غرة .

                                                                                                                                            والثالث : وهو قول الشافعي : أنه لا شيء فيه إذا لم يبن خلقه ، فإذا بان خلقه على ما سنصفه ففيه غرة فصار الخلاف فيما لم يبن خلقه ، فعند مالك فيه غرة ، وعند أبي حنيفة فيه حكومة ، وعند الشافعي لا شيء فيه .

                                                                                                                                            واستدل مالك على وجوب الغرة فيه : بأنه لما لم يقع الفرق في الولد الحي بين صغير وكبير في وجوب الدية وجب أن لا يقع الفرق في الحمل بين مبادئه وكماله في وجوب الغرة .

                                                                                                                                            واستدل أبو حنيفة بأنه لما وجب في الجنين دون ما في الولد الحي ولم يكن [ ص: 386 ] هدرا وجب أن يكون فيما دون الجنين أقل مما في الجنين ولا يكون هدرا ، واستدل الشافعي على أن لا شيء فيه بأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن وجوب الغرم لثبوت الحرمة وليس له قبل بيان خلقه حرمة فكان هذا كالنطفة .

                                                                                                                                            والثاني : أن حياة الإنسان بين حالتين بين مبادئ خلقه وبين غايته بعد موته ، فلما كان في آخر حالتيه بعد الموت هدرا وجب أن يكون في الأولى من حالتيه قبل بيان الخلق هدرا ، وفي هذين دليل وانفصال .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية