الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت جواز فعله وجواز إقراره فسقط على مار فقتله ضمن ديته وإن كان مباحا : لأنه مباح بشرط السلامة كتعزير الإمام وضرب الزوجة ، وأما الميزاب إذا سقط فأتلف مارا ففي ضمانه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قوله في القديم : لا يضمن ، لأنه مما لا يوجد منه بد فصار مضطرا إليه وغير مضطر إلى الجناح فافترقا .

                                                                                                                                            والقول الثاني : وهو الجديد : أنه يكون مضمونا يلزمه ما تلف به كالجناح ، لأنه قد كان يقدر على إجراء مائه إلى بئر يحفرها في داره فيكون غير مضطر إليه كما هو غير مضطر إلى الجناح ، فإذا وجب عليه الضمان فيما تلف بالجناح والميزاب نظر فيما وقع به التلف ، فإن كان خارجا عن داره ضمن به جميع الدية ، وإن كان بعضه خارجا وبعضه في حائطه فسقط جميعه فقتل ففي قدر ما يضمنه من ديته ثلاثة أقاويل حكاهما أبو حامد المروزي في جامعه :

                                                                                                                                            أحدها : يضمن جميع ديته ، لأن الداخل في الحائط من الخشب جذبه الخارج منه فضمن به جميع ديته .

                                                                                                                                            والقول الثاني : يضمن به نصف ديته ، لأن ما في الحائط منه موضوع في ملكه والخارج منه مختص بالضمان ، فصار التلف من جنسين مباح ومحظور فضمن نصف الدية .

                                                                                                                                            والقول الثالث : أنه يضمن من الدية بقسط الخارج من الخشبة .

                                                                                                                                            مثاله : أن يكون طول الخشبة خمسة أذرع ، فإن كان الخارج منها ثلاثة أذرع ضمن ثلاثة أخماس ديته ، وإن كان الخارج أربعة أذرع ضمن أربعة أخماس ديته يقسط على قدر الداخل والخارج .

                                                                                                                                            [ ص: 383 ] وقال الشافعي : ولا أبالي أي طرفيه أصابه : لأنها قتلت بثقلها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية