فصل : فإذا ثبت تقديره بنصف دينار في حق المكثر وربع دينار في حق المقل فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : وهو قول أكثرهم : أن هذا قدر ما يؤخذ في السنة الواحدة ، فيكون في السنين الثلاث على المكثر دينار ونصف من جميع الدية ، وعلى المقل ثلاثة أرباع الدينار من جميع الدية .
والوجه الثاني : وهو قول أقلهم : أن هذا قدر ما يؤخذ من جميع الدية في السنين الثلاث ، فيصير المأخوذ من المكثر في كل سنة منها سدس دينار ، والمأخوذ من المقل في كل سنة نصف سدس دينار ، والأول أشبه ، لأن لكل سنة حكمها ، فإذا ثبت هذا لم يجز العدول عن الإبل مع وجودها ، ومعلوم أن قيمة تعيين إبل الدية أكثر من نصف دينار ، ولا يمكن أن تتجزأ فينفرد كل واحد منهم بجزء قيمته نصف دينار ، فوجب أن يشترك في أداء البعير الواحد العدد الذي يكون قسط الواحد من ثمنه نصف دينار إن كان مكثرا ، وربع دينار إن كان مقلا ، وهذا عدد لا يمكن حصره ، لأن البعير قد تزيد قيمته في حال وتقل في أخرى ، وإن أعوزت الإبل عدل إلى الدنانير ، إما مقدرة بألف دينار على قوله في القديم ، أو بقيمة مائة بعير على قوله في الجديد ، يحمل المكثر منها [ ص: 355 ] نصف دينار والمقل ربع دينار ، وإن عدل عنه إعواز الإبل إلى الدراهم فإن قدرت باثني عشر ألف درهم على قوله في القديم تحمل المكثر منها ستة دراهم والمقل ثلاثة دراهم ، لأن الدينار فيها مقابل لاثني عشر درهما ، وإن قدرت بقيمة مائة بعير ففيه وجهان محتملان :
أحدهما : أن يتحمل المكثر منها ستة دراهم والمقل ثلاثة دراهم على ما ذكرنا لو قدرت بالدراهم اعتبارا بقيمة الدينار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والوجه الثاني : أنه لما عدل بالإبل إلى قيمة الوقت وجب أن يعدل بالدينار إلى قيمة الوقت ، فيتحمل المكثر من الدراهم قيمة نصف دينار بسعر وقيمة ، والمقل قيمة ربع دينار ، لأن الدينار في وقتها أكثر قيمة منه في وقت الرسول صلى الله عليه وسلم .