الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ولو ضربها فاسودت ففيها حكومة ( وقال ) في كتاب عقولها ثم عقلها ( قال المزني ) رحمه الله : الحكومة أولى لأن منفعتها بالقطع والمضغ ورد الريق وسد موضعها قائمة كما لو اسود بياض العين لم يكن فيها إلا حكومة لأن منفعتها بالنظر قائمة .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما إذا ضرب سنه فاصفرت أو اخضرت ففيها حكومة إذا لم يذهب شيء من منافعها ، وحكومة الخضرة أكثر من حكومة الصفرة ، لأنها أقبح ، فأما إن ضربها فاسودت فقد قال الشافعي هاهنا : فيها حكومة كما لو اصفرت أو اخضرت ، وقال في كتاب العقل : ثم عقلها . فاختلف أصحابنا فكان المزني والمتقدمون منهم يخرجون ذلك على اختلاف قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : فيها حكومة واختاره المزني ، لبقاء منافعها بعد سوادها ، كما لو جنى على عينه فاسود بياضها لبقاء نظرها بعد سواد البياض .

                                                                                                                                            [ ص: 278 ] والقول الثاني : فيها الدية تامة ، لذهاب جمالها بالسواد ، وذهب جمهور أصحابنا ومتأخروهم إلى أن ذلك على اختلاف حالين وليس على اختلاف قولين ، والمواضع الذي أوجب فيها حكومة إذا كانت باقية المنافع والمواضع الذي أوجب فيها الدية إذا ذهبت منافعها ، وهذا أشبه ، لأنه قد بقي بعد اسودادها أكثر جمالها وهو سر موضعها فلم يجز أن يجب فيها مع بقاء أكثر جمالها وجميع منافعها دية .

                                                                                                                                            فلو قلع سنا سوداء سئل عنها أهل العلم بها فإن قالوا : اسودادها من غذاء أو طول مكث كملت فيها الدية .

                                                                                                                                            وإن قالوا : من مرض كان في كمال ديتها قولان على اختلافهما في السن إذا ذهب بعض منافعها والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية