الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : والضرس سن وإن سمي ضرسا كما أن الثنية سن وإن سميت ثنية وكما أن اسم الإبهام غير اسم الخنصر وكلاهما إصبع وعقل كل إصبع سواء .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال ، ديات الأسنان متساوية مع اختلاف أسمائها ومنافعها ، وفي كل سن منها خمس من الإبل ، تستوي فيه الثنية والضرس والناب والناجز ، وحكي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه جعل فيما ظهر من أسنان الفم بالكلام والأكل خمسا من الإبل في كل سن ، وجعل فيما غاب من الأضراس بعيرين في كل ضرس ، وقيل بعيرا ، لأن مقاديم الأسنان تشارك مواخيرها في المنفعة وتختص بالجمال ، فيفضل بين دياتها ، واختلف عنه في مفاضلة ديات الأصابع ، فروي عنه أنه فاضل بينهما كالأسنان ، وروي أنه سوى بينهما وإن فاضل بين الأسنان ، واختلف عنه هل رجع عن هذا التفاضل أم لا ؟ فحكى قوم أنه رجع عنه ، وحكى آخرون أنه لم يرجع ، وقد أخذ بما قاله عمر - رضي الله عنه - قوم من شواذ الفقهاء لقضائه بذلك في إمامته وهذا فاسد من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : عموم النص من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل سن خمس من الإبل وهو اسم يعم كل سن ، ولأن اختلاف المنافع غير معتبر فيما تقدرت دياته من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن منافع الميامن من الأعضاء أكثر من منافع مياسرها مع تساوي دياتها .

                                                                                                                                            والثاني : أن منافعها تختلف بالصغر والكبر ، والقوة والضعف ، ودياتها مع اختلاف منافعها سواء ، كذلك الأسنان ، وعلى أن لكل سن منفعة ليست لغيره فلم تقم منفعة الثنية مقام منفعة الضرس .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية