الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا قلع سنا قد حصل فيها شق أو ثقب أو أكلة ، فإن لم يذهب من أجزائها بذلك شيء فعليه جميع ديتها ، كاليد المريضة إذا قطعها وإن ذهب بالثقب والتآكل بعض أجزائها أسقط من دية السن قدر الذاهب منها ، ولزمه باقي ديتها ، وإن كانت أسنانه قد تصدعت وتحركت حتى ربطها بالذهب أو لم يربطها فقلعها الجاني نظر فإن كانت منافعها باقية مع حركتها في المضع وحفظ الطعام والريق ففيها الدية تامة ، وإن ذهبت منافعها كلها ففيها حكومة ، وإن نقصت منافعها فذهب بعضها وبقي بعضها ففيها قولان نص عليهما في كتاب " الأم " :

                                                                                                                                            أحدهما : فيها الدية تامة ، لأن منافع الأسنان مختلفة بالزيادة والنقصان .

                                                                                                                                            والقول الثاني : فيها حكومة ، لقصورها عما اختص بها من منافعها .

                                                                                                                                            وجهل قدر الناقص يوجب فيها حكومة .

                                                                                                                                            فإن اختلفا فادعى الجاني ذهاب منافعها وادعى المجني عليه بقاءها فالقول قول المجني عليه مع يمينه ، لأن بقاء منافعها لا يعلم إلا من جهته ، وله ديتها تامة ، ولو كانت السن كاملة المنافع فجنى عليها حتى تصدعت وتحركت وهي باقية في موضعها نظر فإن ذهب بالجناية جميع منافعها حتى صار لا يقدر على المضغ بها ففيها ديتها تامة ، وإن ذهب منها نصف منافعها ففيها قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : عليه ديتها تامة ، لأنه قد يكون المسلوب من منافعها مساويا لمنافع غيرها .

                                                                                                                                            والقول الثاني : فيها حكومة ، لأن منفعة كل شيء معتبرة بها ، ولو قيل بوجه ثالث : إنه إن أذهب أكثر منافعها كملت ديتها ، وإن ذهب أقلها ففيها حكومة اعتبارا بالأغلب كان له وجه ، فإن اختلفا فالقول قول المجني عليه مع يمينه ، لأن ذهاب منافعها لا يعلم إلا من جهته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية