الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن قال الجاني المخرج ليسراه : أخرجتها باذلا لقطعها سئل عن بذلها : هل جعلته بدلا من اليمنى أو غير بدل ؟ فإن قال لم أجعله بدلا لعلمي بأنه لا يقتص من يسرى بيمنى قيل فقطع يدك هدر لإباحتك لها ، فلا قود لك فيها ولا دية ، ويعزر قاطعها زجرا في حق الله تعالى مع علمه بالحظر ، ولا يعذر مع جهله به ، ثم يسأل قاطعها هل قطعها قصاصا أو غير قصاص : فإن قال : قطعتها غير قصاص كان على حقه في الاقتصاص من اليمنى بعد اندمال اليسرى ، وإن قال : قطعتها قصاصا من اليمنى ، قيل له : علمت أنها اليسرى أو لم تعلم ؟ فإن قال : علمت أنها اليسرى صار ذلك عفوا منه عن قطع اليمنى فسقط حقه من الاقتصاص منها ، وله ديتها حالة في مال الجاني ، وإن قال : ظننتها اليمنى ولم أعلم أنها اليسرى فهل يسقط بذلك حقه من القصاص في اليمنى ؟ على ما مضى من الوجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يسقط وله الاقتصاص منها بعد اندمال اليسرى .

                                                                                                                                            والثاني : يسقط القصاص منها ويرجع بديتها ، وإن قال المخرج لليسرى أخرجتها لتكون بدلا من اليمنى سئل قاطعها : هل قطعتها بدلا من اليمنى أم لا ؟ فإن قال : لم أقطعها بدلا كان عليه القصاص في يسراه ، وله القصاص في يمنى الجاني ، لأنه لما لم يسقط بذلك حقه من القصاص في اليمنى لم يسقط عنه القصاص في اليسرى ، ولم يكن بذل مخرجها مسقطا لقصاصه لها ، لأنه بذلها لتكون معاوضة باليمنى ، فإذا لم تكن عوضا سقط حكم البذل ، وإن قال : قطعتها بدلا لتكون قصاصا من اليمنى سئل : هل علمت أنها اليسرى أو لم تعلم : فإن علم أنها اليسرى سقط قصاصه من اليمنى ، [ ص: 195 ] وكان عليه دية اليسرى وله دية اليمنى فيتقاصان ، لأنهما ديتا عمد في أموالهما ، فإن تفاضلت دية أيديهما لكون أحدهما رجلا والآخر امرأة تراجعا فضل الدية وإن ظنها اليمنى ولم يعلم أنها اليسرى ففي سقوط القصاص ما قدمناه من الوجهين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية