مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ولو كان لم تقطع يد الجاني ولو رضي فإن سأل المقطوع أن يقطع له إصبع القاطع الثالث ويؤخذ له أرش الإصبعين والحكومة في الكف كان ذلك له ولا أبلغ بحكومة كفه دية إصبع لأنها تبع للأصابع وكلها مستوية ولا يكون أرشها كواحدة منها . في يد المقطوع إصبعان شلاوان
قال الماوردي : قد ذكرنا أن السليمة لا تقاد بالشلاء ، ويجوز أن تقاد الشلاء بالسليمة ، فإذا قطع كفا فيها إصبعان شلاوان فلا تخلو كف القاطع من أن تكون سليمة أو بها شلل فإن كانت سليمة فلا قصاص عليه في كفه وإن بذلها ، لأن سلامة ما قابل الأشل يوجب سقوط القصاص عنه ، ومن سقط القصاص عنه لم يقتص منه وإن رضي : لأمرين :
أحدهما : أنه لما كان سقوط القود عن الأب بالابن وعن الحر بالعبد يمنع من القود مع رضا الأب والحر كذلك يمنع منه مع رضا السليم بالأشل .
والثاني : أن سقوط القود في السليم عن الجاني قد أوجب المال أرشا في الأشل من المجني عليه فصار كالدين المستحق ، ولو بذل من عليه الدين أن يؤخذ به شيء من أعضائه لم يجز ، كذلك هنا وإذا سقط القصاص من السليم المقابل للأشل لم يسقط من السليم المقابل للسليم فيقال للمجني عليه أنت بالخيار بين القصاص أو الدية ، فإن طلب الدية وعفا عن القصاص أعطي دية ثلاثة أصابع ثلاثين بعيرا يدخل فيها حكومة ما تحتها من الكف ، وأعطي حكومة إصبعين شلاوين لا يبلغ بها دية إصبعين سليمتين ، ويدخل في حكومتهما حكومة ما تحتهما من الكف ، وإن أراد القصاص اقتص من ثلاثة أصابع من كف الجاني المماثلة للسليمة من كف المجني عليه ، وأخذ منه حكومة في الإصبعين الشلاوين يدخل فيهما حكومة ما تحتهما من الكف ، وهل يدخل في القصاص في الأصابع الثلاث حكومة ما تحتهما من الكف : على وجهين ذكرناهما من قبل :
أحدهما : تدخل حكومتها في القصاص كما تدخل حكومتها في الدية .
والوجه الثاني : وهو منصوص الشافعي لا تدخل حكومتها في القصاص ، لبقائها [ ص: 177 ] بعد استيفائه ، ولا يبلغ بحكومة الكف دية إصبع ، لأنها تبع للأصابع فلم يبلغ بالتابع حكم المتبوع ، وإذا كان هذا في جميع الكف فالمستحق هاهنا حكومة ثلاثة أخماس الكف ، لأن حكومة خمسها قد دخل في حكومة الإصبعين الشلاوين إذا كان قد أدخله في اعتبار حكومتهما فلا تبلغ بحكومة ثلاثة أخماس دية إصبع وثلاثة أخماس ديتها ست من الإبل فينقص منها شيء وإن قل .