الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت وجوب القصاص في الجناية دون السراية قيل للمجني عليه :

                                                                                                                                            أنت بالخيار في الجناية بين القصاص أو الدية ، فإن عفا عن القصاص فيها إلى الدية كان له دية الكف كلها ، وهي نصف الدية خمسون من الإبل ، وكان دية الجناية منها وهي دية الإصبع المقطوعة عشرا من الإبل دية عمد محض تجب في مال الجاني حالة ، وفي دية السراية إلى الكف ، وهي أربعون من الإبل وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنها لسقوط القصاص فيها دية خطأ تجب مؤجلة على العاقلة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو ظاهر قول أبي علي بن أبي هريرة أنها دية عمد تجب حالة في مال الجاني ، لأنها جناية واحدة فلم يختلف حكم أرشها ، وإن طلب المجني عليه القصاص في الجناية اقتص له من إصبع الجاني وأخذ منه أربعة أخماس دية الكف لذهابها بالسراية عن جناية ، وذلك أربعون من الإبل هي دية أربع أصابع وأصولها من الكف واختلف أصحابنا : هل يدخل فيها أرش أصل الإصبع المأخوذ قودا أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه قد دخل في حكم القصاص تبعا لدخوله في حكم الدية تبعا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي أن أصول الأصابع من الكف تكون تبعا لها في الدية ولا تكون تبعا لها في القصاص ، ألا ترى أنه لو قطع أصابعه [ ص: 166 ] الخمس كان عليه خمسون من الإبل ولو قطعها مع الكف وجبت عليه الخمسون من غير زيادة ، فصارت الكف تبعا للأصابع في الدية ، ولو قطع أصابعه الخمس ثم سرت إلى الكف اقتص من خمس أصابعه ووجب عليه أرش الكف ، ولم يكن أرش الكف تبعا للقصاص فاقتضى هذا التعليل أن يؤخذ منه أرش ما يجب للإصبع المقتص منها من الكف مضافا إلى دية الأصابع الأربع ، وهل يكون جميعه حالا في مال الجاني أو مؤجلا على عاقلته ؟ على الوجهين الماضيين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية