فصل : فإذا ثبت وجوب القصاص في الجناية دون السراية قيل للمجني عليه :
أنت بالخيار في الجناية بين القصاص أو الدية ، فإن عفا عن القصاص فيها إلى الدية كان له كلها ، وهي نصف الدية خمسون من الإبل ، وكان دية الجناية منها وهي دية الإصبع المقطوعة عشرا من الإبل دية عمد محض تجب في مال الجاني حالة ، وفي دية السراية إلى الكف ، وهي أربعون من الإبل وجهان : دية الكف
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنها لسقوط القصاص فيها دية خطأ تجب مؤجلة على العاقلة .
والوجه الثاني : وهو ظاهر قول أبي علي بن أبي هريرة أنها دية عمد تجب حالة في مال الجاني ، لأنها جناية واحدة فلم يختلف حكم أرشها ، وإن طلب المجني عليه القصاص في الجناية اقتص له من إصبع الجاني وأخذ منه أربعة أخماس دية الكف لذهابها بالسراية عن جناية ، وذلك أربعون من الإبل هي دية أربع أصابع وأصولها من الكف واختلف أصحابنا : هل يدخل فيها أرش أصل الإصبع المأخوذ قودا أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه قد دخل في حكم القصاص تبعا لدخوله في حكم الدية تبعا .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي أن أصول الأصابع من الكف تكون تبعا لها في الدية ولا تكون تبعا لها في القصاص ، ألا ترى أنه لو قطع أصابعه [ ص: 166 ] الخمس كان عليه خمسون من الإبل ولو قطعها مع الكف وجبت عليه الخمسون من غير زيادة ، فصارت الكف تبعا للأصابع في الدية ، ولو قطع أصابعه الخمس ثم سرت إلى الكف اقتص من خمس أصابعه ووجب عليه أرش الكف ، ولم يكن أرش الكف تبعا للقصاص فاقتضى هذا التعليل أن يؤخذ منه أرش ما يجب للإصبع المقتص منها من الكف مضافا إلى دية الأصابع الأربع ، وهل يكون جميعه حالا في مال الجاني أو مؤجلا على عاقلته ؟ على الوجهين الماضيين .