الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإن حبسه في بيت مفعى فنهشته أفعى فمات نظر ، فإن كانت أفاعيه تغيب عنه وتعود إليه فلا ضمان عليه ، وإن كانت مقيمة فيه نظر حال البيت ، فإن كان واسعا يزيد على طول الجبة ومنتهى نفخها فلا ضمان عليه ، لتمكنه من البعد عنها إذا قربت ، وإن كان ضيقا يقصر عن طولها ومدى نفخها روعي البيت ، فإن كان فيه كوى ونقاب تتسرب فيه الأفاعي فلا ضمان عليه ، لأن من عادة الأفعى أن تغيب عن مشاهدة الإنسان ، وإن كان مملسا لا كوة فيه ولا نقب فعليه ضمان ديته ، ولا قود عليه في نفسه ، لأنه كعمد الخطأ إلا إن نهشته الأفعى بيده ، وهي من الأفاعي القاتلة فيجب عليه القود ، واختلف أصحابنا فيما يقاد به على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يقاد بالسيف ، لأن الأفاعي غير متماثلة ولا نهشاتها متساوية .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن يقاد بإنهاش الأفعى له ، فإن كانت تلك الأفعى موجودة لم يعدل إلى غيرها ، وإن فقدت التمس مثلها ، فإن نهشته فمات فقد استوفى ، وإن لم يمت فعلى قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : يعاد عليه نهشها حتى يموت .

                                                                                                                                            والثاني : يقتل بالسيف .

                                                                                                                                            فأما إذا حبسه في بيت مع سبع حتى افترسه فهذا قاتل ، لأن ضراوة السبع طبع لا تزول في الأغلب ، وفي القود منه بإضرار السبع عليه وجهان ، على ما ذكرنا في نهشة الأفعى لعدم التماثل في الجناية والقيود ، ويمنع السبع من أكل لحمه بعد قتله لحرمته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية