الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت وقوف القود على بلوغ الصبي وإفاقة المجنون وجب حبس القاتل إلى وقت البلوغ والإفاقة ليحفظ حقهما بحبسه ولا يطلق ، وإن أعطى كفيلا بنفسه ، لأنه حق لا يملك استيفاؤه إلا منه ، والمتولي لحبسه الإمام دون الولي ، لأن أمر الحاكم أنفذ من أمره ، فإن أراد الولي أن يلازمه لم يمنع ، ولا يقف حبس الحاكم له على الاستعداء إليه ، وينفرد به إذا ثبت عنده القتل لما يجب عليه من حفظ الحقوق على من يولى عليه ، ولو كان في الورثة رشيد غائب لم يلزم الحاكم حبس القاتل إلا بعد الاستدعاء إليه ، لأن مستحق القود رشيد لا يولى عليه ، وهكذا لو غصب دارا لغائب جاز للحاكم أن ينزعها من الغاصب إن كان مالكها موليا عليه ، ولم يجز أن ينتزعها منه إن كان مالكها رشيدا ، فإن أراد ولي الصغير والمجنون أن يعفو عن القود إلى غير مال لم يجز ، وإن أراد العفو عن القود إلى الدية نظر في الصغير والمجنون ، فإن كانا موسرين غير محتاجين إلى المال لم يكن للولي العفو عن القود ، وإن عفا بطل عفوه ، وإن كانا فقيرين فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون لهما من يجب عليه نفقتهما ، فلا يجوز لوليه أن يعفو عن القود لاستغنائهما ممن وجب عليه نفقتهما .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن لا يكون لهما من يلتزم نفقتهما وهما من ذوي الفاقة إلى قدر نفقتهما ، ففي جواز عفو وليهما عن القود وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجوز للضرورة اعتبارا بمصلحتهما .

                                                                                                                                            والثاني : لا يجوز لما فيه من إسقاط حقهما ، ويحتمل وجها ثالثا أن يعتبر حال المولى فإن كان مناسبا أو وصيا لم يصح عفوه ، وإن كان حاكما صح عفوه ، لأنه حكم يجوز أن ينفرد باجتهاده والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية