الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولو جرحه أحدهما موضحة ، وجرحه الآخر جائفة ، ثم مات قبل اندمالهما كانا قاتلين ، والدية بينهما نصفين لأنه قد يجوز أن يبرأ من الجائفة ، ويموت من الموضحة والولي في صاحب الموضحة بين خيارين بين أن يبدأ بقتله أو يوضحه ثم يقتله وفي صاحب الجائفة على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه بالخيار فيه بين قتله ابتداء ، وبين أن يقتص من الجائفة ثم يقتله .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنه ليس له إجافته : لأن الجائفة لا قصاص فيها ، ويعتد له بالقتل ، فلو اندملت الموضحة ، ثم مات قبل اندمال الجائفة ، صار الذي أوضحه جارحا ، ويجوز أن يقتص منه في الموضحة أو تؤخذ ديتها ، وصار الذي أجافه قاتلا عليه القود أو الدية ، وهل له إجافته قبل قتله أم لا ؟ على قولين .

                                                                                                                                            ولو اندملت الجائفة ، ومات قبل اندمال الموضحة كان في اندمال الموضحة في الجائفة ديتها دون القود ، وصار الموضح قاتلا والولي معه بين خيارين إما أن يبدأ بقتله أو يقتص من الموضحة ثم يقتله .

                                                                                                                                            فلو ادعى صاحب الجائفة أن جراحته اندملت ومات من الموضحة فصدقه الولي وكذبه صاحب الموضحة ، نظر في حال الولي فإن أراد القود قبل قول الولي في تصديقه لصاحب الجائفة ، وكان له أن يقتص من صاحب الموضحة وحده ، ويأخذ من صاحب الجائفة أرش جائفته : لأن له لو لم تندمل الجائفة أن يقتص من صاحب الموضحة وحده ، وإن كان الولي قد عفا عن القود ، وأراد الدية لم يقبل تصديقه لصاحب الجائفة لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه يجر بها إلى نفسه نفعا في أخذ أرش الجائفة بعد اندمالها مع دية النفس .

                                                                                                                                            والثاني : أنه يدخل على صاحب الموضحة ضررا لأنه قد كان ملتزما ما لو لم تندمل الجائفة نصف الدية فألزمه جميعا ، وإذا كان كذلك حلف صاحب الموضحة بالله لقد مات المجروح قبل اندمال الجائفة ولم يلزمه إلا نصف الدية فإن نكل عن اليمين ردت على الولي : لأن الحق له دون صاحب الجائفة وقضى له بجميع الدية .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية