( إن هذا لهو القصص الحق ) هذا خبر من الله ، جزم مؤكد ، فصل به بين المختصمين ، والإشارة إلى القرآن على قول الجمهور ، والظاهر أنه إشارة إلى ما تقدم من أخبار عيسى ، وكونه مخلوقا من غير أب ، قاله ، ابن عباس ، وابن جريج وابن زيد ، وغيرهم . أي : هذا هو الحق [ ص: 482 ] لا ما يدعيه النصارى فيه من كونه إلها أو ابن الله ، ولا ما تدعيه اليهود فيه ، وقيل : هذا إشارة إلى ما بعده من قوله ( وما من إله إلا الله ) ويضعف بأن هذه الجملة ليست بقصص ، وبوجود حرف العطف في قوله : " وما " قال بعضهم إلا إن أراد بالقصص الخبر ، فيصح على هذا ، ويكون التقدير : إن الخبر الحق أنه ما من إله إلا الله انتهى . لكن يمنع من هذا التقدير وجود واو العطف واللام في : لهو ، دخلت على الفصل ، و " القصص " خبر " إن " ، و " الحق " صفة له ، والقصص مصدر ، أو فعل بمعنى مفعول ، أي : المقصوص ؛ كالقبض بمعنى المقبوض ، ويجوز أن يكون : هو مبتدأ والقصص : خبره ، والجملة في موضع خبر " إن " ، ووصف القصص بالحق إشارة إلى القصص المكذوب الذي أتى به نصارى نجران ، وغيرهم ، في أمر عيسى وإلاهيته .
( وما من إله إلا الله ) أي : المختص بالإلهية هو الله وحده ، وفيه رد على الثنوية والنصارى ، وكل من يدعي غير الله إلها .
و : " من " ، زائدة لاستغراق الجنس ، و " إله " : مبتدأ محذوف الخبر ، و " الله " : بدل منه على الموضع ، ولا يجوز البدل على اللفظ ، لأنه يلزم منه زيادة : من ، في الواجب ، ويجوز في العربية في نحو هذا التركيب نصب ما بعد إلا ، نحو ما من شجاع إلا زيدا ، ولم يقرأ بالنصب في هذه الآية ، وإن كان جائزا في العربية النصب على الاستثناء .
( وإن الله لهو العزيز الحكيم ) إشارة إلى وصفي الإلهية ، وهما : القدرة الناشئة عن الغلبة فلا يمتنع عليه شيء ، والعلم المعبر عنه بالحكمة فيما صنع ، والإتقان لما اخترع ، فلا يخفى عنه شيء . وهاتان الصفتان منفيتان عن عيسى . ويجوز في : لهو ، من الإعراب ما جاز في : لهو القصص ، وتقدم ذكر فائدة الفصل .