الوجه الخامس: أنه لو كان الممتحن لهم في الآخرة ملكا من الملائكة لقال لهم من ربكم؟ وما تعبدون؟ ولقال لهم هلا تذهبون مع ربكم؟ إذ من الممكن أن يظهر لهم صورة ويقول لهم ملك هلا تذهبون مع هذه الصورة؟ كما أنه في أول الحديث قال: فأذن مؤذن: فلو كان [ ص: 89 ] المخاطب لهم عن الله لقال لهم ما يصلح له، كما في نظائر ذلك، ولكن من شأن «ليتبع كل أمة ما كانت تعبد»، الجهمية أنهم يجعلون المخاطب للعباد بدعوى الربوبية غير الله، كما قالوا: إن الخطاب الذي سمعه موسى بقوله: إني أنا ربك [طه: 12] كان قائما بمخلوق كالشجرة، وكما قال في قوله: إنه يقول: هذا ملك من الملائكة، وكما زعم هذا المؤسس في قوله تعالى: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له، وجاء ربك والملك صفا صفا [الفجر: 22] إن ربه ملك من الملائكة، وهذا كله من الكفر والإلحاد.
الوجه السادس: أنه قال: وهذا «فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة»، فلو كان المخاطب لهم ملكا لكان المرئي قبل ذلك هو الملك لا الله، والحديث نص في أنهم رأوا الله قبل هذه المرة. نص في أنهم رأوا الله قبل هذا الخطاب في صورة غير هذه الصورة،