وأما اقتران الحكم والمانع فله صور
: منها وقد ذكرت ومنها إذا توريث الطفل المحكوم بإسلامه بموت أحد أبويه الكافرين منه فإنه يلزمها أقل الأمرين من قيمتها أو الدية نص عليه . قتلت أم الولد سيدها
قال الأصحاب سواء قلنا إن الدية تحدث على ملك الورثة ابتداء أو على ملك المورث أولا ; لأنا إن قلنا تحدث على ملك الورثة فقد اقترن الضمان بالحرية وإنما لم يجب الضمان هنا بالدية مطلقا اكتفاء بمقارنة الشرط للحكم على ما تقدم لأن الاعتبار هنا في الضمان بحالة الجناية وهي حينئذ رقيقة فلا يلزمها أكثر من ضمان جناية الرقيق ولا يمنع من ذلك مقارنة الحرية بحالة وجوب الضمان بناء على أن المانع إذا اقترن بالحكم لم يمنعه وإن قلنا إن الدية تحدث على ملك المقتول أولا فقد وجب له ذلك في آخر جزء من حياته ، وهي إذ ذاك رقيقة فسبق وقت وجوب الضمان وقت الحرية ، وإنما وجب الضمان هنا للسيد وإن كان السيد لا يجب له الضمان على رقيقه لتعلق حق الورثة بماله في هذه الحالة فصار كالواجب لها ابتداء ، ولهذا كانوا هم المطالبين به والله أعلم .
ومنها إذا فهل يصح نكاح الأمة مع الحرة ؟ على وجهين ومنها إذا تزوج العادم للطول الخائف للعنت في عقد حرة وأمة فهل يقع الطلاق ؟ على وجهين : قال المتزوج بأمة أبيه : إذا مات أبي فأنت طالق ثم مات الأب
أحدهما : يقع ، وهو قول في الجامع والخلاف القاضي في العمد واختيار وابن عقيل لأن الموت يترتب عليه [ وقوع ] الطلاق والملك [ والملك ] سبب انفساخ النكاح فقد سبق نفوذ [ ص: 101 ] الطلاق وقوع الفسخ فنفذ . أبي الخطاب
والثاني : لا يقع وهو قول في المجرد القاضي في الفصول لأن الطلاق قارن المانع وهو الملك فلم ينفذ . وابن عقيل
ومنها إذا وفيه الوجهان إن قلنا ينتقل الملك مع الخيار وهو الصحيح ، وإن قلنا لا ينتقل وقع الطلاق وجها واحدا كذا ا ذكره تزوج أمة ثم قال لها إن اشتريتك فأنت طالق وفي خلاف أبو الخطاب إذا القاضي هل يحنث أن ذلك مبني على نقل الملك وعدمه فقياس قوله إنه لا يقع الطلاق هنا في مدة الخيار إذا قلنا لا ينتقل الملك فيها وأنكر ذلك الشيخ حلف لا يبيع فباع بشرط [ الخيار ] وقال يحنث بكل حال لأن البيع قد وجد . مجد الدين
ومنها إذا فإنها تطلق بالإعادة لأنه كلام في المشهور عند الأصحاب . قال لامرأته التي لم يدخل بها إن كلمتك فأنت طالق ثم أعاده
وقال في عمد الأدلة قياس المذهب عندي أنه لا يحنث بهذا الكلام لأنه من جنس اليمين الأولى ومؤكد لها ، وإنما المقصود أذاها وهجرها وإضرارها بترك كلامها وليس في هذه الإعادة ما ينافي ذلك فلا يحنث به وهذا أقوى والتفريع على المشهور فإذا وقع الطلاق بالإعادة ثانيا فهل ينعقد به يمين ثانية أم لا ؟ في المسألة وجهان : ابن عقيل
أحدهما : لا ينعقد وهو قول في الجامع والخلاف ومن اتبعه كالقاضي القاضي يعقوب وهو قياس قول صاحب المغني وله مأخذان : وابن عقيل
أحدهما : وهو مأخذ ومن اتبعه أن الكلام يحصل بالشروع في الإعادة قبل إتمامها فيقع الطلاق قبل إتمام الإعادة فلا ينعقد لأن تمام اليمين حصل بعد البينونة . القاضي
والثاني : وهو الذي ذكره صاحب المغني في نظير هذه المسألة أن الطلاق وإن وقف وقوعه إلى ما بعد إنهاء الإعادة إلا أن الإعادة يترتب عليها البينونة فيقع انعقاد اليمين مع البينونة فيخرج على الخلاف في ثبوت الحكم مع المانع أو مع سببه والأصح عنده عدمه .
والوجه الثاني : تنعقد اليمين وهو اختيار صاحب المحرر بناء على أن الطلاق يقف وقوعه على تمام الإعادة لأن الكلام المطلق إنما ينصرف إلى المقيد ولا تحصل الإفادة بدون ذكر جملة الشرط والجزاء فيقف الطلاق عليهما ويقع عقيبهما لأنهما شرط لوقوعه وأما اليمين فوجدت مع شرط الطلاق فسبقت وقوعه .
يوضحه أن اليمين هي اللفظ المجرد وهو المعلق عليه الطلاق فإذا قال إن كلمتك فأنت طالق فهو في معنى قوله إن حلفت يمينا بطلاقك على كلامك فأنت طالق فتبين أن وجود اليمين سابقة لوقوع الطلاق ومنها إذافإنهما يطلقان طلقة [ طلقة ] على المذهب المشهور وانعقدت اليمين مرة ثانية في حق المدخول بها . قال لامرأتيه وإحداهما غير مدخول بها إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان ثم قاله ثانيا
وأما في حق التي لم يدخل بها ففي انعقادها وجهان أحدهما أنها تنعقد وهو قول وصاحب المحرر ومقتضى ما ذكره أبي الخطاب القاضي في المسألة التي قبلها لأن اليمين سبب البينونة [ ص: 102 ] ووجدت مع شرط الطلاق لا مع وقوع الطلاق . وابن عقيل
والثاني : لا ينعقد وهو اختيار صاحب المغني غير أنه وقع في النسخ خلل في تعليله ; ووجهه أن اليمين وإن وجدت مع شرط الطلاق لكن انعقادها مفارق لوقوع الطلاق فلم ينعقد لاقترانه بما يمنعه ، فإن أعاده ثالثا قبل أن يجدد نكاح البائن لم تطلق واحدة منهما على الوجهين لأن الحلف بطلاق البائن لا يمكن فإن عاد وتزوج البائن ثم حلف بطلاقها وحدها فعلى الوجه الثاني لا تطلق لأن اليمين الثانية لم تنعقد بحقها وتطلق الأخرى طلقة لوجود الحلف بطلاقها قبل نكاح الثانية والحلف بطلاق الثانية بعد نكاحها فكمل الشرط في حق الأولى .
وعلى الوجه الأول تطلق كل واحدة منهما طلقة طلقة لأن الصفة الثانية منعقدة في حقهما جميعا كذا ذكره الأصحاب وأورد عليه أن طلاق كل واحدة منهما معلق بشرط الحلف بطلاقها مع طلاق الأخرى فكل واحد من الحلفين جزء علة لطلاق كل واحدة منهما ، فكما أنه لا بد من الحلف بطلاقها في زمن يكون فيه أهلا لوقوع الطلاق كذلك الحلف بطلاق ضرتها لأنه جزء علة لطلاق نفسها ومن تمام شرطه فكيف يقع بهذه التي جدد نكاحها الطلاق وإنما حلف بطلاق ضرتها وهي بائن ؟ وأجيب عنه بأن وجود الصفة كلها في النكاح لا حاجة إليه ، ويكفي وجود آخرها فيه فيقع الطلاق عقيبه ، وذكر صاحب المحرر في تعليقه على الهداية أن هذا هو المذهب سواء قلنا يكفي في الحنث وجود بعض الصفة أم لا ، نعم إن قلنا يكفي وجود بعضها وقد وجد حال البينونة انبنى على أن الخلاف في حل اليمين بالصفة الموجودة حال البينونة انتهى .
وعندي أن هذا قد يتخرج على خلاف المتأخرين في أن اليمين لا تنحل بوجود الصفة حال البينونة فإن قلنا إنها مستثناة من عموم كلامه بقرينة الحال فوجود بعضها حال البينونة لا عبرة له أيضا كوجود جميعها ، وإن قلنا إن اليمين لا تنحل بدون الحنث فيها اكتفي بوجود آخرها في النكاح لإمكان الحنث فيه على أن الاكتفاء بوجود بعض الصفة حال البينونة وبعضها في النكاح مع قولنا لا يكتفى بوجود بعض الصفة في الطلاق وقولنا إن الصفة الموجودة حال البينونة لا تنحل بها اليمين لا يخلو عن إشكال [ ونظر ] والله أعلم .
ومنها إذا فقد حصل منها عطيتان من عطايا المريض محاباة البائع بثلث المال وعتق الأب إذا قلنا إن عتقه من الثلث وفيه وجهان : اشترى مريض أباه بثمن لا يملك غيره وهو تسعة دنانير وقيمة الأب ستة
أحدهما : وهو قول في المحرر القاضي في الفصول يتحاصان لأن ملك المريض لأبيه مقارن لملك المشتري لثمنه وفي كل منهما عطية منجزة فتحاصا لتقارنهما والثاني أنه تنفذ المحاباة ولا يعتق الأب وهو اختيار صاحب المحرر لأن المحاباة سابقة لعتق الأب فإن ملك المشتري الثمن [ ص: 103 ] الذي وقعت المحاباة فيه وقع مقارنا لملك الأب ، وعتقه يترتب على ملكه ولم يقارنه فقد قارنت المحاباة شرط عتق الأب لا عتقه فنفذت كسبقها . وابن عقيل
ومنها لو فهل تستحق جميع المهر أو ثلاثة أرباعه ؟ على وجهين : أحدهما تستحقه كله لأنه استحق عوضا عن الطلاق خمسين ورجع إليه بالطلاق قبل الدخول النصف الباقي والثاني تستحق ثلاثة أرباعه لأن الطلاق ينتصف به المهر ويصير مشاعا بين الزوجين فلا يستحق من الخمسين المخالع بها إلا نصفها ، فلا يسلم للزوج عوضا عن طلاقه إلا نصف الخمسين ويرجع إليه بالطلاق النصف . أصدقها مائة درهم ثم طلقها قبل الدخول على خمسين من المهر
ومن نصر الوجه الأول قال تنصف المهر يترتب على الخلع لا يفارقه فقد ملك الخمسين كلها قبل التنصيف ، لكن ملكه لها قارن سبب التنصيف وهو البينونة فهذا مأخذ الوجهين ، وللمسألة مأخذ آخر على تقدير التنصف قبل الملك وهو أن يخالعها لخمسين من المهر مع علمها بأن المهر ينتصف بالمخالعة هل يتنزل على خمسين مبهمة منه أو على الخمسين التي يستقر لها بالطلاق ؟ .
وفي المسألة وجهان ، وعليهما يتنزل الوجهان فيما إذا باع أحد الشريكين نصف السلعة المشتركة هل ينزل البيع على نصف مشاع وإنما له فيه نصفه وهو الربع أو على النصف الذي يخصه بملكه وكذلك في الوصية وغيرها واختيار أنه يتنزل على النصف الذي يخصه كله بخلاف ما إذا قال له أشركتك في نصفه وهو لا يملك سوى النصف فإنه يستحق منه الربع لأن الشركة تقتضي التساوي في الملكين بخلاف البيع . والمنصوص عن القاضي في رواية أحمد ابن منصور أنه لا يصح بيع النصف حتى يقول نصيبي فإن أطلق تنزل على الربع .
ومنها إذا ففي المحاباة روايتان إحداهما أنها موقوفة على إجازة الورثة لأنها عطية الوارث والثانية تنفذ من الثلث نقلها تزوج في مرض الموت بمهر يزيد على مهر المثل المروذي والأثرم وصالح وابن منصور والفضل بن زياد ويحتمل أن يكون مأخذه أن الإرث المقارن للعطية لا يمنع نفوذها ويحتمل أن يقال إن الزوجة ملكها في حال ملك الزوج البضع وثبوت الإرث مترتب على ذلك وكذلك نص في رواية أبي طالب فيمن أن الزيادة تكون من الثلث ووجهه أقر لزوجته في مرضه بمهر يزيد على مهر المثل بما ذكرناه من الترتيب لأن الإقرار تبين به أن الاستحقاق كان بالعقد وهذا كله يرجع إلى أن العطية والوصية لمن يصير وارثا يعتبر من الثلث وهو خلاف المذهب المعروف لكن قد يفرق بين أن يكون الوارث نسيبا أو زوجا كما فرق القاضي في كتاب الوصايا من خلافه بينهما في مسألة الإقرار لأن النسب سبب إرثه قائم حال الوصية بخلاف أحد الزوجين وفيما ذكره القاضي في توجيه القاضي أبي طالب نظر فإن لو اعتبر حالة العقد لما جعله من [ ص: 104 ] الثلث ، وإنما يتخرج من هذه الرواية رواية عنه بأن إقرار المريض لوارثه معتبر من الثلث والله أعلم . أحمد