الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1862 71 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال : حدثنا الليث قال : حدثني ابن الهاد ، عن عبد الله بن خباب ، عن أبي سعيد رضي الله عنه : أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لا تواصلوا ، فأيكم إذا أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر ، قالوا : فإنك تواصل يا رسول الله ، قال : إني لست كهيئتكم ، إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقيني .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وابن الهاد هو يزيد بن أسامة بن الهاد الليثي المدني مر في الصلاة ، وعبد الله بن الخباب بالخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى الأنصاري المدني من موالي الأنصار ، وليس الخباب بن الأرت الصحابي ، وليست له رواية إلا عن أبي سعيد الخدري ، ولم يذكر له رواية عن غير أبي سعيد الخدري ، وتوقف الجوزجاني في معرفة حاله ، ووثقه أبو حاتم الرازي ، وأبو سعيد هو الخدري .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه أبو داود من رواية ابن الهاد أيضا ، ولم يخرج مسلم حديث أبي سعيد ، وعزو الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد إلى مسلم - وهم .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فليواصل إلى السحر ) وفيه رد على من قال : إن الإمساك بعد الغروب لا يجوز ، وحقيقة الوصال هو أن يصل صوم يوم بصوم يوم آخر من غير أكل أو شرب بينهما ، هذا هو الصواب في تحقيق الوصال ، وقيل : هو الإمساك بعد تحلة الفطر ، وحكى في حكمه ثلاثة أقوال : التحريم ، والجواز ، وثالثها أنه يواصل إلى السحر ، قاله أحمد وإسحاق .

                                                                                                                                                                                  قوله ( كهيئتكم ) الهيئة صورة الشيء وشكله وحالته ، والمعنى إني لست مثل حالتكم ، وصفتكم في أن من أكل منكم أو شرب انقطع وصاله ، وإني لست مثلكم ، ولي قرب من الله ، وهو معنى قوله : أبيت ولي مطعم يطعمني ليالي صيامي ، وساق يسقيني ، فإن حملناه على الحقيقة يكون هذا كرامة له من الله تعالى وخصوصية ، وإلا يكون هذا فيضا من الله تعالى عليه بحيث يسد مسد طعامه وشرابه من حيث إنه يشغله عن إحساس الجوع والعطش ، ويقويه على الطاعة ، ويحرسه من تحليل يفضي إلى كلال القوى ، وضعف الأعضاء .

                                                                                                                                                                                  وقوله ( لي مطعم ) جملة اسمية وقعت حالا بدون الواو ، وقوله ( يطعمني ) جملة فعلية حال أيضا من الأحوال المتداخلة .

                                                                                                                                                                                  قوله ( وساق ) أي : ولي ساق ، والكلام فيه مثل الكلام في : لي مطعم ، فافهم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية