الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا يجوز ضمان من لم يبلغ ولا مجنون ولا مبرسم يهذي ولا مغمى عليه ولا أخرس لا يعقل ، وإن كان يعقل الإشارة والكتاب فضمن لزمه " .

                                                                                                                                            [ ص: 461 ] قال الماوردي : وهذا كما قال ، ضمان الصبي والمجنون لا يصح لارتفاع القلم عنهما وكذلك المبرسم والمغمى عليه لا يصح ضمانهما لزوال عقلهما ، فإن قيل فلم قال المزني " ولا مبرسم يهذي " ؟ أيكون الهذيان شرط في بطلان ضمانه ؟ قلنا لا اعتبار بالهذيان فمتى كان المبرسم ذابل العقل بطل ضمانه وسائر عقوده سواء كان يهذي أم لا ، ولأصحابنا عن قوله يهذي جوابان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنها زيادة ذكرها المزني لغوا .

                                                                                                                                            والجواب الثاني : أن لها فائدة ، وذلك أن المبرسم يهذي في أول برسامه مع قوة جسمه فإذا تطاول به أضعف جسمه فلم يهذ ، فأبطل ضمانه في الحال التي يهذي فيها لينبه على بطلان ضمانه في الحالة التي هي أغلظ منها وهي الحالة التي لا يهذي فيها .

                                                                                                                                            فأما الأخرس فإن كان لا يعقل الإشارة بطل ضمانه وسائر عقوده ، وإن كان يعقل الإشارة والكتابة فضمن بكتابته وإشارته صح وكذلك سائر عقوده ، وإن ضمن بإشارته دون كتابته صح ضمانه لأن الإشارة أقيمت فيه مقام نطقه .

                                                                                                                                            وإن ضمن بكتابته دون إشارته لم يصح ضمانه لأن مجرد الكتابة لم يقم فيه مقام النطق لاحتمالها حتى تنضم إليه الإشارة فيزول إليه احتمالها والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية