الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن كانت الثمرة غير بادية الصلاح فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن ترهن في دين حال .

                                                                                                                                            والثاني : في مؤجل .

                                                                                                                                            فإن رهنت في دين حال فهل من شرط صحة رهنها اشتراط قطعها ، أم لا ؟ على قولين :

                                                                                                                                            [ ص: 235 ] أحدهما : أن اشتراط القطع شرط في صحة الرهن ، فإن رهنت بغير شرط القطع كان رهنا باطلا كالبيع ، وهذا القول منصوص في كتاب التفليس ، فعلى هذا لو صح رهنها باشتراط قطعها فقال المرتهن بعتها على رءوس النخل قبل القطع ، وقال الراهن لست أبيعها إلا بعد القطع ، فالقول قول الراهن لأجل شرطه ، ويؤخذ المرتهن بقطعه قبل بيعه .

                                                                                                                                            والقول الثاني : نص عليه في هذا الموضع ، وهو الصحيح : أن اشتراط القطع فيها ليس بشرط في صحة الرهن ، فإن رهنها بشرط القطع صح الرهن ، ووجب بالقطع ، فإن رهنها بغير شرط القطع صح الرهن ولم يجب القطع ، وإنما لم يكن القطع في صحة الرهن شرطا ، وإن كان في صحة البيع شرطا أن في البيع ثمنا منع النبي صلى الله عليه وسلم من استحلاله في الثمرة قبل بدو صلاحها ، فقال صلى الله عليه وسلم أرأيت إن منع الله الثمرة فيم يأخذ أحدكم مال أخيه فكان القطع شرطا في صحته ، لأن لا يؤدي إلى استحلال الثمن من غير تسليم المبيع ، ولأن حصوله في يد مشتريه ، والرهن لا يقابل ثمنا ، وإنما دخل في الحق وثيقة ، فلم يكن القطع في صحته شرطا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية