الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن شهدوا أنهم رأوا في يديه مالا سألته ، فإن قال : مضاربة ، قبلت منه مع يمينه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا أطلق المفلس بعد ثبوت إعساره فادعى غرماؤه أنه قد أيسر وسألوا الحجر عليه لم يجز إلا أن يقيموا البينة بيساره : لأنه قد ثبت إعساره فلم تقبل دعوى اليسار إلا ببينة ، كما أنه لو ادعى الإعسار بعد يسار لم تقبل دعواه إلا ببينة ، فإن لم تقم البينة بيساره فالقول قوله مع يمينه بالله أنه على إعساره وهو على إطلاقه ، وإن نكل عن اليمين حلف الغرماء على يساره وحبس حتى يبين أمره ، وإن كان الغرماء حين ادعوا عليه اليسار أقاموا عليه البينة نظر في البينة ، فإن قالوا نشهد أنه قد أيسر لم يحكم بهذا القول منهم حتى يذكروا ما به صار موسرا ، ويصفوه إن كان غائبا ، ويعينوه إن كان حاضرا ، فإن عينوه أو وصفوه [ ص: 336 ] نظر في شهادتهم ، فإن شهدوا له بملك ذلك المال لم يحتج الحاكم إلى سؤاله وقسمه بين غرمائه ، فإن شهدوا بأنهم رأوا المال في يده ولم يشهدوا له بملك سئل المفلس عنه فإن ادعا إما ملكا لنفسه قسمه الحاكم بين غرمائه وإن لم يدعه ملكا سئل عن مالكه ، فإن لم يذكره أحلف الغرماء واستحقوا حبسه دون أخذ المال واستكشف الحاكم عن حاله حتى يبين ، فإن ذكر مالك المال وقال هو مضاربة أو وديعة لفلان فلا يخلو حال فلان المقر له بالملك من أن يكون حاضرا أو غائبا ، فإن كان غائبا فالقول فيه قول المفلس مع يمينه ، فإن حلف فهو على إطلاقه ، وإن نكل ردت اليمين على الغرماء ، فإن حلفوا لم يحكم لهم بالمال ولكن يحبس لهم المفلس حتى ينكشف أمره ؛ لأنه قد يحتمل أن يكون صادقا ويحتمل أن يكون كاذبا ، فإن كان المقر له بالمال حاضرا سئل عنه ، فإن أنكر وأكذب المفلس في إقراره نزع المال من يده وقسم بين غرمائه وحبس لهم به ، وإن صدقه واعترف به فهل يجب على المفلس فيه اليمين أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : عليه اليمين لاحتماله كما لو أقر به الغائب .

                                                                                                                                            والثاني : لا يمين عليه لأنه لو رجع عن إقراره لم يقبل فلم يكن لزجره باليمين تأثير ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية