الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : إذا ضمن عنه كر حنطة من مسلم فأدى الضامن الكر الحنطة فله الرجوع على المضمون عنه بمثله ، فلو أن الضامن صالح المضمون عنه على الحنطة على مال أو عوض [ ص: 440 ] جاز إذا تقايضا قبل الافتراق ، وإن لم يتقايضاه حتى تفرقا قبل القبض كان على وجهين مضيا في البيوع ، ولو صالحه عن الكر الحنطة على نصفه في مثل تلك الصفة جاز وكانت حطيطة ، ولو صالحه على نصف كر حنطة إلى أجل جاز لأنه حطة وأجله أيضا وله أن يرجع في الأجل ، وليس له أن يرجع في الحطيطة ، ولو ضمن عنه كر حنطة من مسلم ثم إن الضامن صالح المسلم المضمون له على رأس مال لم يجز ، ولو صالحه المضمون عنه جاز لأن الصلح على رأس المال إقالة والضامن لا يملك الإقالة والمضمون عنه يملكها ثم يبطل الضمان لأن الحنطة المضمونة قد بطلت بالإقالة ورأس المال المستحق لم يتوجه إليه الضمان فهذا الكلام فيما يرجع به الضامن وما يتفرع عليه فصل آخر .

                                                                                                                                            وأما إذا عجل المضمون عنه إلى الضامن ما ضمنه عنه بأمره قبل أن يؤديه الضامن فإن جعله فيما عجله رسولا ليدفعه إلى المضمون له جاز وكان أمينا عليه لا يضمنه بالتلف ، وإن دفعه إليه قضاء من ضمانه ففيه قولان حكاهما ابن سريج .

                                                                                                                                            أحدهما : يجوز كما يجوز تعجيل الزكاة والدين المؤجل .

                                                                                                                                            والقول الثاني : لا يجوز لأن الضامن لا يستحق على المضمون له شيئا قبل غرمه ، ولأنه دفع لا يبرأ به لكن يكون ما أخذه مضمونا عليه لأنه أخذه على أن يكون عوضا في حقه .

                                                                                                                                            ولو كان المضمون عنه عجل للضامن بدلا من الدراهم التي ضمنها عنه عبدا أو عوضا لم يجز على القولين معا لأن هذا معاوضة على ما لم يجب وذلك تعجيل ثم يتفرع على ما ذكرنا من القولين في تعجيل القضاء أن يبرئ الضامن المضمون عنه من مال الضمان قبل أدائه عنه فيكون الإبراء مخرجا على هذين القولين إن قيل بجواز تعجيل القضاء صح الإبراء ، وإن قيل تعجيل القضاء لا يجوز لم يجز الإبراء والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية