الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولم أجعل لواحد منهما أن يفتح فيه كوة ولا يبني عليه إلا بإذن صاحبه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا كان الحائط بين شريكين لم يكن لأحدهما أن يفتح فيه كوة ، ولا يضع فيه جذعا ، ولا يسمر فيه وتدا إلا بإذن شريكه .

                                                                                                                                            وجوز العراقيون لأحد الشريكين أن يفعل في الحائط ما لا يضر به من فتح كوة وإيتاد وتد اعتبارا بالعرف المعتاد فيه بين الناس ، وهذا خطأ لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تفرد أحدهما بالتصرف في ذلك غير جائز .

                                                                                                                                            [ ص: 394 ] والثاني : أنه هدم بعض الحائط فلم يجز كالباب .

                                                                                                                                            فإن قيل : فهلا كان كوضع الجذوع فيه فيكون على قولين :

                                                                                                                                            قيل : الفرق بينهما أن الحائط موضوع للحيلولة ، ووضع الأجذاع فيه لا يمنع من الحيلولة ، وفتح الكوة يمنع منها ، فلو أذن أحدهما لصاحبه في فتح كوة ثم أراد سدها لم يكن له ذلك إلا بإذن شريكه ، لأنه زيادة بناء على حائطه .

                                                                                                                                            والشريكان في الحائط لا يجوز لأحدهما البناء عليه إلا بإذن شريكه فيه .

                                                                                                                                            وكل ما لم يكن للشريك أن يفعله فأولى أن لا يكون للجار أن يفعله .

                                                                                                                                            فلو صالح جاره على فتح كوة في حائطه لم يجز ؛ لأنه صلح على الهواء والضوء ، ولو أن رجلا فتح كوة في حائطه فأراد جاره أن يبني في وجهها حائطا في ملكه يمنعه الضوء من الكوة جاز ولم يكن لصاحب الكوة أن يمنعه ، لأنه متصرف في ملكه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية