الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا يقطع الإمام ) أي لا يجوز له أن يقطع ( إلا قادرا على الإحياء ) حسا وشرعا دون ذمي بدارنا ( وقدرا يقدر عليه ) أي على إحيائه لأنه اللائق بفعله المنوط بالمصلحة ( وكذا المتحجر ) لا ينبغي أن يقطع من مريده إلا فيما يقدر على إحيائه ، وإلا فلغيره إحياء الزائد كما مر ، والأوجه حرمة تحجير زائد على ما يقدر عليه لأن فيه منعا لمريد الإحياء بلا حاجة ، ولو قال المتحجر لغيره آثرتك به أو أقمتك مقامي [ ص: 342 ] صار الثاني أحق به .

                                                                                                                            قال الماوردي : وليس ذلك هبة بل تولية وإيثار ( والأظهر أن للإمام ) ونائبه ولو والى ناحية ( أن يحمي ) بفتح أوله : أي يمنع ، وبضمه : أي يجعل حمى ( بقعة موات لرعي ) خيل جهاد و ( نعم جزية ) وفيء ( وصدقة و ) نعم ( ضالة و ) نعم إنسان ( ضعيف عن النجعة ) بضم النون وهو الإبعاد في الذهاب لطلب الرعي لأنه صلى الله عليه وسلم حمى النقيع بالنون وقيل بالباء لخيل المسلمين ، وهو بقرب وادي العقيق على عشرين ميلا من المدينة ، وقيل على عشرين فرسخا ، ومعنى خبر البخاري { لا حمى إلا لله ورسوله } لا حمى إلا مثل حماه صلى الله عليه وسلم بأن يكون لما ذكر ، ومع كثرة المرعى بحيث يكفي المسلمين ما بقي وإن احتاجوا للتباعد للرعي ، وذكر النعم فيما عدا الصدقة للغالب ، والمراد مطلق الماشية . ويحرم على الإمام أخذ عوض ممن يرعى في حمى أو موات ، ويحرم عليه أن يحمي الماء العد بكسر أوله ، وهو الذي له مادة لا تنقطع كماء عين أو بئر لشرب خيل الجهاد وإبل الصدقة والجزية وغيرهما ( و ) الأظهر ( أن له ) أي الإمام ( نقض حماه ) وحمى غيره إذا كان النقض ( للحاجة ) بأن ظهرت المصلحة فيه بعد ظهورها في الحمى رعاية للمصلحة ، وليس هذا من نقض الاجتهاد .

                                                                                                                            والثاني المنع لتعينه لتلك الجهة كما لو عين بقعة لمسجد أو مقبرة .

                                                                                                                            أما ما حماه عليه الصلاة والسلام فلا ينقض ولا يغير بحال لأنه نص بخلاف حمى غيره ولو الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ( ولا يحمي ) الإمام ونائبه ( لنفسه ) قطعا لأن ذلك من خصوصياته صلى الله عليه وسلم ولم يقع ذلك منه ، وليس للإمام أن يدخل مواشيه ما حماه للمسلمين لأنه قوي ، ويندب له نصب أمين يدخل دواب الضعفاء ويمنع دواب الأقوياء ، فإن رعاه قوي منع منه ، ولا يغرم شيئا ولا يخالفه ما مر في الحج من أن من أتلف شيئا من نبات البقيع ضمنه على الأصح ، لأن ما هنا في الرعي فهو من جنس ما حمي به ، وما هناك في الإتلاف بغيره ولا يعزر أيضا ، وحمله ابن الرفعة على جاهل التحريم .

                                                                                                                            قال وإلا فلا ريب في التعزير انتهى .

                                                                                                                            ويرد بأنه لا يلزم من منعه من ذلك حرمة الرعي ، وعلى التنزل فقد ينتفي التعزير في المحرم لعارض ، ولعلهم سامحوا فيه كمسامحتهم في الغرم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ذمي بدارنا ) أي فيمتنع عليه ذلك مطلقا ( قوله : لأنه اللائق بفعله ) أي فلو أقطعه أزيد من ذلك هل يبطل في الجميع أو تتفرق الصفقة فيه نظر ، والأقرب الثاني ( قوله : إحياء الزائد ) قال في الخادم : ينبغي أن يراجع الأول وبقوله اختر لك جهة انتهى .

                                                                                                                            ومراده ينبغي الوجوب وذلك لعدم تمييز الزائد عن غيره ، فلو امتنع من الاختيار فينبغي أن الحاكم يعين جهة لمريد الإحياء ، فإن لم يكن حاكم وامتنع المحيي من الاختيار اختار مريد إحياء الزائد بنفسه ( قوله : أو أقمتك مقامي ) أي ولو بمال في مقابلة ذلك فيما يظهر ، ويجوز للمؤثر أخذه أخذا مما ذكروه في جواز أخذ المال في مقابلة رفع اليد عن الاختصاص كالسرجين ، وبما ذكروه في النزول عن [ ص: 342 ] الوظائف بعوض ، وحيث وقع ذلك فلا رجوع له بعد لأنه سقط حقه ( قوله : بحيث يكفي المسلمين ما بقي ) أي فلو عرض بعد حمى الإمام ضيق المرعى لجدب أصابهم أو لعروض كثرة مواشيهم هل يبطل الحمى بذلك أو لا ، ويغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لأن فعله إنما هو للمصلحة وقد بطلت للحوق الضرر بالمسلمين بدوام الحمى ( قوله بكسر أوله ) وبالدال المهملة قاله في الصحاح ( قوله : من جنس ما حمى به ) أي بسببه ( قوله ولا يعزر ) أي القوي على المعتمد وإن علم التحريم على ما يأتي .




                                                                                                                            الخدمات العلمية