الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويتسلط كل واحد منهما على التصرف ) إذا أذن كل لصاحبه ( بلا ضرر ) كالوكيل في جميع ما يأتي فيه بأن يكون فيه مصلحة وإن لم توجد غبطة خلافا لما أوهمه تعبير أصله من منع شراء ما توقع ربحه إذ هي التصرف فيما فيه ربح عاجل له وقع ( فلا ) يبيع بثمن المثل وثم راغب ، بل لو ظهر ولو في زمن الخيار لزمه الفسخ وإلا انفسخ ، ولا ( يبيع نسيئة ) للغرر ( ولا بغير نقد البلد ) كالوكيل كذا جزما به هنا ، ولا ينافيه أنه يجوز للعامل البيع بغيره مع أن المقصود من البابين متحد وهو الربح ; لأن العمل في الشركة غير مقابل بعوض كما صرحوا به ، فلا يلزم من امتناع التصرف بغير نقد البلد تضرر ، بخلاف العمل ثم فإنه يقابل بالربح ، فلو منعناه من التصرف بغير النقد لضيقنا عليه طرق الربح الذي في مقابلة عمله وفيه من الضرر والمشقة ما لا يخفى ، على أن المراد بكون الشريك لا يبيع بغير نقد البلد أنه لا يبيع بنقد غير نقد البلد إلا أن يروج كما صرح به ابن أبي عصرون ، ولما أشكل هذا المقام قال ابن يونس : إن اشتراط ما ذكر هنا غلط وقد علم رده ، إذ الشريك يجوز له البيع بالعرض أيضا ، وفارق نقد غير البلد بأنه لا يروج ثم فيتعطل الربح بخلاف العرض ، ولهذا لو راج جاز كما علم مما مر ، وعلى هذا فقول المصنف ولا بغير نقد البلد أخرج بالنقد العرض ، وفيه تفصيل وهو أنه إن راج جاز وإلا فلا ، والمفهوم إذا كان فيه ذلك لا يرد ، هذا والأوجه الأخذ بالإطلاق هنا [ ص: 10 ] فلا يبيع بعرض وإن راج ( ولا ) يبيع ولا يشتري ( بغبن فاحش ) وسيأتي ضابطه في الوكالة ، فإن فعل شيئا من ذلك صح في نصيبه خاصة فتفسخ الشركة فيه ويصير مشتركا بين المشتري والشريك ( ولا يسافر به ) حيث لم يعطه له في السفر إلا إذا اضطر إليه لنحو قحط وخوف كما بحثه الأذرعي ، بل قد يجب عليه .

                                                                                                                            كما في نظيره من الوديعة ولا كانا من أهل النجعة وإن أعطاه له حضرا ، فإن فعل ضمن وصح تصرفه ( ولا يبضعه ) بضم التحتية فسكون الموحدة أي يدفعه لمن يعمل فيه لهما ولو تبرعا لعدم رضاه بغير يده ، فلو فعل ضمن أيضا ، واقتصار كثير على دفعه لمن يعمل فيه متبرعا باعتبار تفسير الأبضاع ( بغير إذنه ) قيد في الجميع ، نعم مجرد الإذن في السفر لا يتناول ركوب البحر ، بل لا بد من النص عليه كنظيره في القراض ، وقوله بما شئت إذن في المحاباة كما يأتي بزيادة في الوكالة لا بما ترى لأن فيه تفويضا لرأيه وهو يقتضي النظر بالمصلحة

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : إذ هي ) أي الغبطة ( قوله : لزمه الفسخ ) أي في القراض ( قوله : وإلا انفسخ ) أي بنفسه ( قوله : ولا بغير نقد البلد ) أي لا يجوز بالعرض ولا بغير نقد البلد م ر ا هـ سم على حج وقول سم : ولا بنقد غير البلد ظاهره وإن راج كل منهما ( قوله : أنه يجوز للعامل ) أي في القراض ( قوله : بنقد غير نقد البلد ) أي أما العرض فيبيع به على ما تفيده هذه العبارة وصرح به سم على منهج حيث قال : قوله ولا بنقد غير بلد البيع إلخ : أي بنقد غير نقد بلد البيع ، بخلاف العرض فيجوز البيع به وإن خالف ما قدمناه عن سم نقلا عن الشارح وما يأتي في قوله هذا والأوجه إلخ ( قوله : وقد علم ) أي من كلام م ر ( قوله رده ) أي من قوله على أن المراد إلخ ( قوله وفارق ) أي العرض ( قوله : ولهذا لو راج ) أي نقد غير البلد ( قوله : وفيه ) أي العرض ( قوله هذا والأوجه الأخذ بالإطلاق ) [ ص: 10 ] عبارة سم على منهج : ومحل منع نقد غير البلد إذا لم يرج في البلد وإلا جاز ا هـ . وهو مخالف لمقتضى ما تقدم عنه على حج ( قوله : فلا يبيع بعرض وإن راج ) أي أما نقد غير البلد فيبيع به إن راج كما صرح به سم فيما تقدم ( قوله : ويصير مشتركا ) أي على جهة الشيوع ، ولكن لا يتصرف أحدهما إلا بإذن الآخر ( قوله : بين المشتري والشريك ) أي غير البائع

                                                                                                                            ( قوله : ولا كانا من أهل النجعة ) ينبغي أن مثل أهل النجعة من جرت عادتهم بالذهاب إلى أسواق متعددة ببلاد مختلفة كبعض بائع الأقمشة فيجوز له السفر بالمال على العادة ولو في البحر حيث غلبت السلامة ، إلا أن يقال : أهل النجعة يضطرون للنجعة لأغراض تتعلق بهم ، ولا كذلك المسافرون للبيع على الوجه المذكور فيضمن حيث سافر بلا إذن من الشريك ، وينبغي الاكتفاء بالإذن له في السفر على وجه التعميم أو يطلق الإذن فيحمل على العموم ( قوله : فلو فعل ضمن ) وظاهره صحة التصرف وهو ظاهر إن قلنا بصحة توكيل أحد الشريكين وهو المعتمد وإلا فلا ( قوله : باعتبار تفسير الأبضاع ) أي وإلا فلا فرق في الضمان بين ذلك ودفعه لمن يعمل فيه بأجرة ( قوله : بغير إذنه ) قيد في الجميع ، أما بإذنه فيصح ثم إن كان لما أذن له فيه محمل حمل عليه ، كأن كانت النسيئة مثلا معتادة في أجل معلوم فيما بينهم ، وإلا فينبغي اشتراط بيان قدر النسيئة ويحتمل الصحة ويبيع بأي أجل اتفق لصدق النسيئة به ( قوله : لا يتناول ركوب البحر ) .

                                                                                                                            [ فائدة ] الإذن في السفر لا يتناول البحر الملح إلا بالنص سم على منهج . أقول : ينبغي ولا الأنهار العظيمة حيث خيف من السفر فيها ، ومحل ذلك حيث لم يتعين البحر طريقا بأن لم يكن للبلد المأذون فيه طريق غير البحر ، وينبغي أن يلحق به ما لو كان للبلد طريق أخرى لكن كثر فيه الخوف أو لم يكثر لكن غلب سفرهم في البحر ( قوله : إذن في المحاباة ) أي بلا همز كما يؤخذ من المختار حيث ذكره في المعتل ، ومع ذلك فينبغي أن لا يبالغ في المحاباة بل [ ص: 11 ] يفعل ما يغلب على الظن المسامحة به



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 9 ] قوله : وقد علم رده ) أي : بالتأويل المذكور في قوله على أن المراد إلخ : أي فهم قائلون هنا بجواز البيع بالعرض أيضا لم يغلطوا ( قوله : وعلى هذا ) أي بتقدير أن موصوف لفظ غير المحذوف لفظ نقد : أي ولا يبيع بنقد [ ص: 10 ] غير نقد البلد ، وهذا ما يفيده كلام الشارح وهو غير سديد ; فإن هذا إنما ينبني على أخذ المتن على ظاهره قبل التأويل ، كما لا يخفى ، على أن قوله أخرج بالنقد العرض لا يناسب ما قرره ، وإنما الذي يناسبه أن يقول أخرج بنقد البلد نقد غير البلد وفيه تفصيل إلخ ( قوله : فلا يبيع بعرض وإن راج ) سكت عن نقد غير البلد الرائج ، لكن تمسكه بإطلاقهم يقتضي المنع فيه مطلقا كالعرض ( قوله : ولا يشتري ) أي بعين مال الشركة فإن اشترى في الذمة وقع له




                                                                                                                            الخدمات العلمية