الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وإن ) ( سقط ) الزق بعد فتحه له ( بعارض ريح ) ونحوها كزلزلة أو وقوع طائر عليه ( لم يضمن ) لأن التلف لم يحصل بفعله مع عدم تحقق هبوبها ، بخلاف طلوع الشمس فلم يبعد قصد الفاتح له ، وأفهم كلامه أن الريح لو كانت هابة حال الفتح ضمن وهو كذلك كما يؤخذ مما مر ومن تفرقتهم بين المقارن والعارض ، فيما لو أوقد نارا في أرضه فحملتها الريح إلى أرض غيره فأتلفت شيئا ، نبه على ذلك الإسنوي وغيره وبه صرح الفارقي ، ولو قلب الزق غير الفاتح فخرج ما فيه ضمنه لا الفاتح ، ولو أزال ورق العنب ففسدت بالشمس عناقيده ، أو ذبح شاة غيره أو حمامته فهلك فرخهما ضمنهما لفقد ما تحصل به الحياة ، وفارق عدم الضمان فيما لو حبس المالك عن ماشيته حتى تلفت ولو ظلما حيث لم يضمنها بأن التالف هنا جزء أو كالجزء من المذبوح ، بخلاف الماشية مع مالكها وبأنه هنا أتلف غذاء الولد المتعين له بإتلاف أمه بخلافه ثم ولو أراد سوق الماء إلى النخل أو الزرع فمنعه ظالم من السقي حتى فسدت لم يضمن كما في الروضة قياسا على حبس المالك عن ماشيته وإن صحح في الأنوار الضمان ، ولو حل رباط سفينة [ ص: 154 ] فغرقت بحله ضمنها أو بعارض ريح أو نحوه فلا لما مر ، فإن لم يظهر حادث فوجهان أوجههما كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى الضمان ، إذ الماء أحد المتلفات وحل رباطها ولا ريح في اللجة سبب ظاهر في إحالة الغرق على الفعل ، فأشبه ما لو فتح قفصا عن طائر وطار في الحال ، بخلاف الزق فليس فتحه سببا ظاهرا لسقوطه خلافا للزركشي ومن تبعه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فلم يبعد قصد الفاتح له ) ويتردد النظر في البلاد الباردة التي يعتاد فيها الغيم أياما أو عدم إذابتها لمثل هذا فطلعت وإذابته على خلاف العادة ومقتضى نظرهم للتحقق فيها المقتضي للقصد المذكور عدم الضمان عند اطراد العادة بذلك ا هـ حج ( قوله : فيما لو أوقد نارا في أرضه ) ينبغي أن يراد بأرضه ما يستحق الانتفاع بها ، ومفهومه أنه لو أوقد في أرض غيره ضمن ما تولد من فعله مطلقا مقارنا كان أو عارضا لتعديه ، ومن ذلك ما يقع كثيرا بقرى الريف من أخذ الفريك ونحوه وإيقاد النار عليه ليستوي ويؤكل فيضمن فيه لتعديه لعدم ملك منفعة الأرض التي أوقد بها النار وإن كانت في تآجره لأن استئجار الأرض للزراعة لا يبيح إيقاد النار بها . نعم لو جرت العادة بمثل ذلك كما لو اضطر لإيقاد نار لدفع البرد عن نفسه وعلم المالك باعتياد مثل ذلك فيها جاز ولا ضمان لما تلف بسبب الإيقاد المذكور ( قوله : ضمنه ) أي القالب ( قوله : فهلك فرخهما ) في إطلاق الفرخ [ ص: 154 ] على ولد الشاة تغليب فإن الفرخ ولد الطائر والأنثى فرخة كما في مختار الصحاح ( قوله : لما مر ) أي من أن التلف لم يحصل بفعله مع عدم تحقق هبوبها ( قوله : فإن لم يظهر حادث ) أي يحال عليه الغرق ( قوله : فليس فتحه سببا إلخ ) أي فلو شك بعد خروج ما فيه في أن الخروج بسبب الفتح أو عروض حادث فلا ضمان لأن الأصل عدمه ، وقد يقال بالضمان لأن فتح رأس الزق سبب ظاهر في ترتب خروج ما فيه على الفتح . والأصل عدم عروض الحادث .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 154 ] ( قوله : بخلاف الزق فليس فتحه سببا إلخ ) أي : والصورة فيه أنه شك في مسقطه كما هو قضية المقايسة وإن لم يتقدم هذا في كلامه ، والقول بعدم ضمان الزق حينئذ نقله في التحفة عن الشامل والبحر




                                                                                                                            الخدمات العلمية