الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( أكرى جمالا ) عينا أو ذمة ( وهرب وتركها عند المكتري ) فلا خيار لإمكان الاستيفاء بما في قوله ( راجع ) إن لم يتبرع بمؤنتها ( القاضي ليمونها ) بإنفاقها وأجرة متعهدها كمتعهد إحمالها إن لزم المؤجر ( من مال الجمال فإن لم يجد له مالا ) بأن لم يكن له غيرها وليس فيها زيادة على حاجة المكتري وإلا باع الزائد ولا اقتراض ( اقترض عليه ) لأنه الممكن واستئذانه الحاكم لحرمة الحيوان ، فلو وجد ثوبا ضائعا واحتاج في حفظه لمؤنة أو عبدا كذلك فله بيعه حالا وحفظ ثمنه إلى ظهور مالكه ، قاله السبكي ، وفي اللقطة ما يؤيده ( فإن وثق ) القاضي ( بالمكتري دفعه ) أي المقرض منه أو من غيره ( إليه ) ليصرفه فيما ذكر ( وإلا ) بأن لم يثق به ( جعله عند ثقة ) يصرفه كذلك ، والأولى له تقدير النفقة وإن كان القول قول المنفق بيمينه عند الاحتمال ( وله ) أي القاضي عند تعذر الاقتراض ، ومنه أن يخاف عدم التوصل له بعد إلى استيفائه ( أن يبيع منها ) بنفسه أو وكيله ( قدر النفقة ) والمؤنة للضرورة وخرج بمنها جميعها فلا يبيعه ابتداء لتعلق حق المستأجر بأعيانها ومنازعة مجلي فيه بأنه لا يفوت حقه لعدم انفساخ الإجارة به غير ظاهرة ، إلا أن يحمل على ما بحثه الأذرعي من أنه لو رأى الحاكم في إجارة الذمة مصلحة في بيعها والاكتراء ببعض الثمن للمستأجر جاز له ذلك جزما حيث جاز له بيع مال الغائب بالمصلحة ، والأوجه أنه لو رأى مشتريا لها مسلوبة المنفعة مدة الإجارة لزمه أن يبيع منها ما يحتاج لبيعه مقدما له على غيره لأنه الأصلح ( ولو أذن للمكتري في الإنفاق من ماله ليرجع جاز في الأظهر ) لأنه محل ضرورة وقد لا يرى الاقتراض ، وكلامه يفهم انتفاء رجوعه بما أنفقه بغير إذن الحاكم ، وهو كذلك إن وجده وأمكن إثبات الواقعة عنده وإلا أشهد على إنفاقه بقصد الرجوع ثم يرجع ، فإن تعذر الإشهاد لم يرجع بما أنفقه فيما يظهر لندور العذر . والثاني المنع لئلا يؤدي إلى تصديقه فيما يستحقه على غيره بل يأخذ المال منه ويدفعه إلى أمين ، ثم [ ص: 326 ] الأمين يدفعه له كل يوم بحسب الحاجة واحترز بتركها عما لو هرب بها فإن كانت إجارة عين تخير نظير ما مر في الإباق ، وكما لو شردت الدابة وإن كانت في الذمة اكترى الحاكم أو اقترض نظير ما مر ، ولا يفوض ذلك للمستأجر لامتناع توكله في حق نفسه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : إن لزم المؤجر ) أي بأن كانت إجارة ذمة ( قوله : ولا اقتراض ) ظاهره وإن كان الاقتراض أنفع للمالك من البيع ، وهو محتمل لأن في الاقتراض إلزاما لذمة المالك وقد لا يتيسر توفيته عند المطالبة ( قوله : لحرمة الحيوان ) أي مع احتمال تقصيره في شأنه محافظة على استيفاء المنفعة التي استحقها منه ولا كذلك العبد الآتي ( قوله : فله بيعه حالا ) أي على المعتمد ، وقضيته أن له الاستقلال بذلك ( قوله : فلا يبيعه ابتداء ) وفي نسخة بعد ابتداء خشية أن تؤكل أثمانها ، والأولى إسقاطها لأنه عند بيع كلها لا يتأتى أن تؤكل أثمانها وإنما يتأتى ذلك إذا باعها شيئا فشيئا لمؤنة باقيها ( قوله : إلا أن يحمل إلخ ) هذا لا يصلح محلا لمنازعة مجلي إلا على وجه بعيد فليتأمل ، إذ المتبادر من كلامه أن مجرد عدم انفساخ الإجارة كاف في جواز البيع ( قوله : وأمكن إثبات الواقعة ) أي بأن سهلت إقامة البينة عليه وقبلها القاضي ولم يأخذ مالا وإن قل على ما مر ( قوله : فيما يظهر ) أي ظاهرا ، أما باطنا فينبغي أن له [ ص: 326 ] الرجوع .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لإمكان الاستيفاء بما في قوله راجع إلخ ) قد يقال : إن الذي في قول المصنف المذكور ليس طريقا للاستيفاء ، فكان الظاهر أن يقول لإمكان الاستيفاء من غير ضرر عليه لما ذكره المصنف في قوله ( قوله : أي : المقرض منه ) ظاهر هذا التفسير أنه لا يدفع له مال الجمال إذا كانت المؤنة منه فليراجع . ( قوله : فلا يبيعه ابتداء ) في نسخة عقب هذا ما نصه : خشية أن تأكل أثمانها ، ومثله في التحفة : قال الشهاب سم : قوله : خشية أن تأكل أثمانها علة للمنفي ا هـ . وبه يندفع ما في حاشية الشيخ ( قوله : إلا أن يحمل على ما بحثه الأذرعي إلخ ) [ ص: 326 ] قال الشهاب سم فيه أن مجليا مصرح بعدم الانفساخ ا هـ . فتأمله




                                                                                                                            الخدمات العلمية