الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وتجوز إعارة جارية لخدمة امرأة ) لانتفاء المحذور وسيأتي في النكاح حرمة نظر كافرة لما لا يبدو في المهنة من مسلمة فيمتنع إعارتها لها في الحالة المذكورة ( أو ) ذكر ( محرم ) للجارية لانتفاء المحذور ، ومثل المحرم مالكها بأن يستعيرها من مستأجر ، وكذا من موصى له بالمنفعة إن كانت ممن لا تحبل لجواز وطئه حينئذ بخلاف من تحبل لأنها قد تلد فتكون منافع ولده للموصى له ، أو زوج ويضمنها كما قاله ابن الرفعة ولو في بقية الليل إلى أن يسلمها لسيدها أو نائبه لانتفاء المحذور ، بخلاف إعارتها لأجنبي ولو شيخا أو مراهقا أو خصيا لخدمته وقد تضمنت نظرا وخلوة محرمة ولو باعتبار المظنة فيما يظهر ، بخلاف ما إذا لم تتضمن ذلك ، وعليه يحمل كلام الروضة ، وفي معنى المحرم ونحوه الممسوح قال الإسنوي وغيره : وسكتوا عن إعارة العبد للمرأة وهو كعكسه بلا شك ، ولو كان [ ص: 123 ] المستعير أو المعار خنثى امتنع احتياطا ، والمفهوم من الامتناع فيه وفي الأمة الفساد كالإجارة للمنفعة المحرمة ، وهو ما بحثه في الروضة في صورة الأمة واستشهد عليه بإطلاق الجمهور نفي الجواز وهو المعتمد ، وقضية كلام الروضة وجوب الأجرة في الفاسدة وهو كذلك ، وقدمت في الرهن ما يعلم منه أنه لا يخالف ذلك قولهم : إن فاسد العقود كصحيحها في الضمان وعدمه ، وإن زعم المخالفة بعض المتأخرين ، وتجوز إعارة صغيرة وقبيحة يؤمن من الأجنبي على كل منهما لانتفاء خوف الفتنة كما ذكره في الروضة وهو الأصح خلافا للإسنوي في الثانية ، والأوجه أنه يلحق بالمشتهاة الأمرد الجميل ولو لمن لم يعرف بالفجور وإن أوهم كلام الزركشي تقييد المنع بمن عرف به ، وإنما جاز إيجار حسناء لأجنبي والإيصاء له بمنفعتها لأنه يملك المنفعة فينقلها لمن شاء ، والمعير لا يعير فينحصر استيفاؤه بنفسه : أي أصالة حتى لا ينافي ما مر من جواز إنابته .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : حرمة نظر كافرة ) في حج أن مثلها الفاسقة بفجور أو قيادة ا هـ .

                                                                                                                            وفي عدم ذكر الشارح للفاسقة إشارة إلى أنها ليست كالكافرة فيجوز لها النظر كالعفيفة ( قوله : فتكون منافع ولده للموصى له ) فهو نوع من الإرقاق كذا قاله شارح وهو غفلة عما يأتي في الوصية بالمنافع أن المالك إذا أولدها يكون الولد حرا وتلزمه قيمته ليشتري بما مثله ، وأن حرمة وطئها إن كانت ممن تحبل ليست لذلك بل لخوف الهلاك أو النقص والضعف أو زوج إلخ حج .

                                                                                                                            وقد يقال : حيث كانت الحرمة لما ذكر كان القياس جوازه عند إذن الموصى له بالمنفعة لرضاه بإتلافها على نفسه ، وقضية إطلاقه خلافه ( قوله : أو زوج ) عطف على محرم وهل تسقط نفقتها عنه أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني لتمكنه من التمتع بها أي وقت أراده ، وبفرض استخدامها في وقت يريد التمتع بها فيه فهو المفوت للمنفعة على نفسه ، ولو طلقها ينبغي أن يقال : إن كان استعارها لخدمة نفسه بطلت العارية ، كما لو استعار أمة أجنبية بل هذه أولى لما بينهما من الألفة السابقة ، وإن استعارها لتربية ولده مثلا لا تبطل حيث لم يكن في الانتفاع بها فيما استعارها له خلوة محرمة ولا نظر ، وما تقدم من سقوط النفقة ظاهر إن تمتع بها وأعرض عن العارية ، أما لو تمتع بها ملاحظا العارية فالأقرب الأول لأنها مسلمة عن جهة العارية ، ويمكن أن يحمل على هذا ما نقل بالدرس عن الزيادي من أنها لا نفقة لها لأنه إنما تسلمها عن العارية ( قوله : وعليه يحمل كلام الروضة ) نعم لامرأة خدمة مريض منقطع أي بأن لم يجد من يخدمه ولسيد أمة إعارتها لخدمته ا هـ حج .

                                                                                                                            ومثله عكسه كإعارة الذكر لخدمة امرأة منقطعة ، ويجوز لكل منها النظر بقدر الضرورة إن احتيج إليه [ ص: 123 ] أخذا مما قالوه في نظر الطبيب للمرأة الأجنبية وعكسه ( قوله : أنه لا يخالف ذلك قولهم إلخ ) أي لأن كلامهم مفروض في حكم الأعيان التي لا تعدي فيها فتخرج بها المنافع والاستئجار من غاصب مثلا ، وحينئذ فالمقبوضة بالإعارة الفاسدة إن تلفت باستعمال المأذون فيه لم تضمن ، وإن تلفت بغيره ضمنت عملا بالقاعدة المذكورة ، وأما منفعتها فمضمونة مطلقا ، ولا يلزم من تشبيه الفاسد بالصحيح عدم الضمان لما ذكره الشارح ، على أن حج قال بعدم الضمان للمنفعة كالعين ، والكلام فيما إذا وضع يده بإذن ممن يعتد بإذنه ، فإن قبض ممن لا يعتد بإذنه كالمحجور عليه لسفه ضمن مطلقا ( قوله : وتجوز إعارة صغيرة وقبيحة ) لعل قياس ذلك جواز إعارة القن الأجنبي وإن لم يكن صغيرا ولا قبيحا من صغيرة أو قبيحة مع الأمن المذكور ا هـ سم على حج ( قوله : ولو لمن لم يعرف بالفجور ) قيده حج بما إذا كانت الإعارة لخدمة ضمنت خلوة أو نظرا محرما ا هـ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لأنها قد تلد فتكون منافع ولده للموصى له ) هذا قد تبع فيه الشارح ما كان في التحفة أولا ، إلا أن الشهاب حج ألحق عقب هذا ما نصه : كذا قال شارح وهو غفلة عما يأتي في الوصية بالمنافع أن المالك إذا أولدها يكون الولد حرا وتلزمه قيمته ليشتري بها مثله ، وأن حرمة وطئها إن كانت ممن تحبل ليست لذلك بل لجواز الهلاك أو النقص أو الضعف ا هـ . نبه على ذلك سم ( قوله : أو زوج ) معطوف على مالكها [ ص: 123 ] قوله : وتجوز إعارة صغيرة وقبيحة إلخ ) صريح الإطلاق هنا ، وتقييد المنع فيما مر في غير الصغيرة ، والقبيحة بما إذا تضمن نظرا أو خلوة محرمة أنه تجوز إعارة القبيحة وإن تضمنت نظرا أو خلوة محرمة ، ولا يخفى ما فيه ، وفي التحفة أنهما وغيرهما سواء في التقييد المذكور ، وفي بعض نسخ الشارح مثله كما هو منقول عن الشارح في بعض الهوامش فليراجع




                                                                                                                            الخدمات العلمية