الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 211 ] ( وللشفيع نقض ما لا شفعة له فيه ) ابتداء ( كالوقف ) والهبة والإجارة .

                                                                                                                            قال الماوردي : وإذا أمضى الإجارة فالأجرة للمشتري ( وأخذه ) أي الشقص ( ويتخير فيما فيه شفعة كبيع بين أن يأخذ بالبيع الثاني أو ينقض ويأخذ بالأول ) لما مر إذ الثمن قد يكون في الأول أقل أو جنسه أيسر ، وأو هنا بمعنى الواو الواجبة في حيز بين لكن الفقهاء كثيرا [ ص: 211 ] ما يتسامحون في ذلك ، وليس المراد بالنقض الفسخ ثم الأخذ بالشفعة ، بل الأخذ بها ، وإن لم يتقدمه لفظ فسخ كما استنبطه في المطلب من كلامهم خلافا لما يقتضيه كلام أصل الروضة ، وإنما لم يكن تصرف الأصل فيما وهبه لفرعه رجوعا بخلافه هنا لأن الأصل هناك هو الواهب فلا بد من أن يرجع عن تصرفه بخلاف الشفيع ، ولو بنى المشتري أو غرس في المشفوع قبل علم الشفيع بذلك ثم علم قلع مجانا لتعدي المشتري . نعم إن فعل ذلك في نصيبه بعد القسمة ثم أخذ بالشفعة لم يقلع مجانا .

                                                                                                                            فإن قيل : القسمة تتضمن رضا الشفيع بتملك المشتري غالبا رد بأن ذلك يتصور بصور كأن يظن المبيع هبة ثم يتيقن أنه اشتراه أو أنه اشتراه بثمن كثير ثم ظهر أنه بأقل ، أو يظن الشفيع كون المشتري وكيلا للبائع ، ولبناء المشتري وغراسه حينئذ حكم بناء المستعير وغراسه إلا أن المشتري لا يكلف تسوية الأرض إذا اختار القلع لأنه كان متصرفا في ملكه ، فإن حدث في الأرض نقص أخذه الشفيع على صفته ، أو يتركه ويبقي زرعه إلى أوان الحصاد من غير أجرة ، وللشفيع تأخير الأخذ بالشفعة إلى أوان الحصاد لعدم الانتفاع به قبل ، وفي جواز التأخير إلى أوان جذاذ الثمرة فيما إذا كان في الشقص شجر عليه ثمرة لا تستحق بالشفعة وجهان أرجحهما كما قاله الزركشي المنع .

                                                                                                                            والفرق أن الثمرة لا تمنع من الانتفاع بالمأخوذ بخلاف الزرع . ويمكن حمل الجواز على ما لو كانت المنفعة تنقص بها مع بقائه والمنع على خلافه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ابتداء ) معمول للنقض ، ومنه ما لو أوصى بالشقص ومات قبل الموصى له فله نقض ذلك وأخذ الشقص ودفع الثمن أو قيمته للوارث كما هو ظاهر ا هـ سم على حج ( قوله : وإذا أمضى الإجارة ) أي الشفيع بأن طلب الأخذ بالشفعة الآن وأخر التملك إلى انقضاء مدة الإجارة ثم أخذ فالأجرة للمشتري لحصولها في ملكه ، وعبارة العباب : أو أي أو تصرف المشتري بما لا يزيل ملكه كرهن وإجارة ، فإن أخر الأخذ لزوالهما بطل حقه ، وإن شفع بطل الرهن للإجارة ، فإن فسخها فذاك وإن قررها فالأجرة للمشتري ا هـ .

                                                                                                                            وقوله بطل حقه قد يشكل على ما يأتي أن الذي على الفور هو الطلب لا التملك [ ص: 211 ] إلا أن يصور هذا بما إذا شرع في الأخذ أخذا مما تقدم قبل الفصل ، وكذا يقال في قول الشارح السابق .

                                                                                                                            نعم لو رضي المشتري بذمة الشفيع تعين عليه الأخذ حالا وإلا سقط حقه ا هـ سم على حج ( قوله : بل الأخذ بها ) أي بأن يقول أخذت بالشفعة ( قوله : وإنما لم يكن تصرف ) أي بالبيع والإعتاق إلخ ( قوله : فلا بد من أن يرجع ) أي بلفظ يدل عليه ( قوله : عن تصرفه ) أي وهو الهبة ( قوله : لتعدي المشتري ) أي لأن كل جزء مشترك بينه وبين الشريك القديم ، وقد فعل بلا إذن منه ( قوله : بعد القسمة ) وينبغي أن مثل القسمة ما لو استأذن الشفيع فأذن لظنه أنه اتهبه أو استعار من البائع نصيبه أو استأجر منه ( قوله : لم يقلع مجانا ) أي بل يخير الشفيع بعد الأخذ بين التملك بالقيمة والقلع مع أرش النقص والتبقية بالأجرة كما يعلم من قوله ولبناء المشتري ( قوله : حكم بناء المستعير وغراسه ) أي من التخيير بين الأمور الثلاثة المتقدمة ( قوله : وللشفيع تأخير الأخذ ) أي ولو كان يريد السفر وتكون غيبته عذرا أو يوكل من يتملك له بعد الحصاد ( قوله : لا تستحق ) أي بأن حدثت بعد العقد وتأبرت قبل الأخذ كما تقدم ( قوله : المنع ) أي منع التأخير ( قوله : ويمكن حمل الجواز ) أي للتأخير ( قوله : تنقص بها ) أي بالأرض ، وقوله مع بقائه : أي الثمر .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وإنما لم يكن تصرف الأصل إلخ ) يتأمل ( قوله : عن تصرفه ) أي : هبته التي تعاطاها ( قوله : غالبا ) يتعين حذفه من الإشكال ; لأنه لا يتأتى معه إشكال إذ هو حاصل الجواب كما لا يخفى




                                                                                                                            الخدمات العلمية