الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( غصب خشبة ) مثلا ( وبنى عليها ) في ملكه أو غيره ولم يخف من إخراجها تلف نحو نفس أو مال معصوم ، وكلامه الآتي صالح لشموله هذه أيضا ( أخرجت ) ولو تلف من مال الغاصب أضعاف قيمتها لتعديه ويلزمه أجرة مثلا وأرش نقصها ومحله إن بقي لها قيمة ولو تافهة وإلا فهي هالكة فيلزمه مثلها ، فإن تعذر فقيمتها ، ويرجع المشتري على بائعه بأرش نقص بنائه إن كان جاهلا ، ومن ثم أفتى بعضهم فيمن أكرى آخر جملا وأذن في السفر به مع الخوف وتلف فأثبته آخر له وغرمه قيمته بأنه يرجع بها على مكريه إن جهل أن الجمل لغيره ( ولو ) غصب خشبة و ( أدرجها في سفينة ) ( فكذلك ) تخرج ما لم تصر لا مثل لها [ ص: 190 ] ( إلا أن يخاف تلف نفس أو مال معصومين ) أو اختصاص كذلك ، ولو للغاصب بأن كانت في اللجة والخشبة في أسفلها فلا تنزع إلا بعد وصولها للشط وللمالك حينئذ أخذ قيمتها للحيلولة ، والمراد أقرب شط يمكن الوصول إليه والأمن فيه كما هو ظاهر لا شط مقصده وكالنفس نحو العضو وكل مبيح للتيمم ، وقال الزركشي كغيره إلا الشين أخذا مما صرحوا به في الخيط مراده إلا الشين في حيوان غير آدمي ; لأن هذا هو الذي صرحا به ثم حيث قالا : وكخوف الهلاك خوف كل محذور يبيح التيمم وفاقا وخلافا ، ثم قالا : للحيوان غير المأكول حكم الآدمي إلا أنه لا اعتبار ببقاء الشين ا هـ .

                                                                                                                            ولو شهد بمغصوب جبيرة كان كما لو خالط به جرحه ، قاله المتولي ، ولا يذبح لنزعه مأكولا ولا غيره للنهي عن ذبح الحيوان لغير أكله ، ويضمنه لأنه حال بينه وبين مالكه ، ولو خالط به الغاصب جرحا لآدمي بإذنه فالقرار عليه وإن جهل الغصب كأكله طعاما مغصوبا وينزع الخيط المغصوب من الميت ، ولو آدميا ، وإنما لم ينزع منه حال الحياة لحرمة الروح ، أما نفس غير معصومة كزان محصن ولو رقيقا كأن زنى ذميا ثم حارب واسترق وتارك صلاة بعد أمر الإمام بها ، وحربي ومرتد ومال غير معصوم كمال حربي فلا يبقى لأجلهما لإهدارهما

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولو غصب خشبة وبنى عليها ) قال في العباب : ولو منارة لمسجد ، ثم قال : وغرم نقص المنارة للمسجد ، وإن كان هو المتطوع بها لخروجها عن ملكه ، وقوله : وإلا فهي هالكة وينبغي أن الخشبة حينئذ للمالك لأنها غير متقومة ، وهي أثر ملكه ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            أقول ومنه يؤخذ أنه لا نظر إلى تلف ما بنى عليها ، وإن كان معصوما وبه يعلم أن قوله إلا أن يخاف تلف مال : يعني غير ما أدرجت فيه الخشبة إذا كان تلفه بإخراجها لا بنحو غرق ، وبه يندفع ما يقال قوله : ولو تلف من مال الغاصب إلخ مناف لما يأتي من قوله ولو للغاصب ( قوله : ويرجع المشتري ) أي من الغاصب ( قوله : إن كان جاهلا ) ويصدق في ذلك ما لم تدل قرينة على خلافه ( قوله : وأذن في السفر به مع الخوف ) إنما قيد به لأنه مظنة لعدم رجوع المستأجر على الغاصب لكونه قصر بالسفر به زمن الخوف ، لكنه لما كان بإذن من الغاصب نسب التعزير له فرجع المستأجر عليه ، أما زمن الأمن فالرجوع فيه لأنه أمين ظاهر فلا يحتاج للتنبيه عليه ( قوله : وغرمه ) أي المكتري ( قوله : فكذلك تخرج ) هو ظاهر إن علم ، فإن لم يعلم كأن اختلطت السفينة بسفن فهل يعد كالتالف أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب قياسا على ما قدمه الشارح في الفصل السابق من قوله ، ولو غصب ثوبا ثم أحضر للمالك ذلك ، وقال : هذا الذي غصبته منك وقال المالك : بل غيره إلخ أن يقال : إن أقام المالك بينة عمل بها ، وإن لم يقم بينة صدق الغاصب في تعيينه ، ثم إن صدقه المغصوب منه فذاك وإلا كان كمن أقر بشيء لغيره وكذبه فيه فيبقى تحت يده ، ولا شيء عليه غيره بناء على ما استوجهه الشارح في مسألة الثوب المذكورة ولزمه بدل الخشبة على ما ذكره عن البلقيني .

                                                                                                                            وينبغي أن يأتي مثل هذا فيما لو اتفقا على الغصب وادعى الغاصب أن المغصوب اللوح الذي في أعلى السفينة ، والمغصوب منه أنه في أسفلها ( قوله : ما لم تصر لا مثل لها ) أي فلا تخرج لأنها كالهالكة ، ولا ينافي هذا ما قدمناه عن سم من أنها للمالك ، إذ هي أثر ملكه ; لأن المراد أنها إذا [ ص: 190 ] خرجت بعد ذلك كانت للمالك ( قوله : والمراد أقرب شط ) أي ولو ما سار منه ا هـ سم ( قوله : إلا الشين ) قضية الاقتصار على هذا الاستثناء أن بطء البرء كغيره ، ولا يخلو عن وقفة وقوله : حيوان شامل للمأكول ا هـ سم على حج : أي وهو مناف لما قيد به بعد في قوله حيوان غير المأكول

                                                                                                                            ( قوله : لأن هذا هو الذي صرح به ثم ) أي في مسألة الخيط ( قوله : ببقاء الشين ) أي في الحيوان غير المأكول ( قوله : كما لو خاط به جرحه ) أي فلا ينزع إن خيف من نزعه محذور تيمم ( قوله : لنزعه ) أي المغصوب ( قوله : ويضمنه ) أي مالك الحيوان ( قوله : فالقرار عليه ) أي الآدمي ( قوله : وينزع الخيط ) أي يجوز وإن ترتب عليه إزراء بالميت كما في تفرقت أوصاله بسبب نزعه ( قوله : كمال حربي ) أي أو اختصاصاته ( قوله : لأجلهما ) أي النفس والمال




                                                                                                                            الخدمات العلمية