الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( تعدى المستأجر ) في ذات العين المستأجرة ( بأن ) أي كأن ( ضرب الدابة أو كبحها ) بموحدة فمهملة : أي جذبها بلجامها ( فوق العادة ) فيهما أي بالنسبة لمثل تلك الدابة كما لا يخفى ( أو أركبها أثقل منه أو أسكن حدادا أو قصارا ) دق وهما أشد ضررا مما استأجر له ( ضمن العين ) المؤجرة : أي دخلت في ضمانه لتعديه : أما ما هو العادة فلا يضمن به وإنما ضمن بضرب [ ص: 313 ] زوجته لإمكان تأديبها باللفظ وظن توقف إصلاحها على الضرب إنما يبيح الإقدام عليه خاصة ، ومتى أركب أثقل منه استقر الضمان على الثاني إن علم وإلا فالأول . قال في المهمات : ومحله إذا كانت يد الثاني لا تقتضي ضمانا كالمستأجر ، فإن اقتضته كالمستعير فالقرار عليه مطلقا ، وفارق المستعير من المستأجر بأن المستأجر هنا لما تعدى بإركابه صار كالغاصب ، ويؤيده قولهم لو لم يتعد بأن أركبها مثله فضربها فوق العادة ضمن الثاني فقط وخرج بذات العين منفعتها ، كأن استأجرها لبر فزرع ذرة فلا يضمن الأرض لعدم تعديه في عينها ، بل إنما تعدى في المنفعة فيلزمه بعد حصدها وانقضاء المدة عند تنازعهما ما يختاره المؤجر من أجرة مثل زرع الذرة والمسمى مع بذل زيادة ضرر الذرة ، ولو ارتدف ثالث خلف مكتريين بغير إذنهما ضمن الثالث كما في الروضة ( وكذا ) يضمن ولو تلفت بسبب آخر

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وهما أشد ضررا ) هذا قد يشكل بما تقدم في قوله ولا يجوز إبدال ركوب بحمل وحديد بقطن إلخ . وقد يجاب بأن ما هنا من جنس ما لو استؤجر له وهو السكنى فلا تضر مخالفته له حيث لم يزد ضرره ، بخلاف ما مر فإن الإجارة فيه لسكنى من يعمل القصارة أو الحديد ففي إسكان غيره مخالفة صريحة ( قوله : ضمن العين ) ضمان الغصوب ( قوله : أي دخلت في ضمانه ) أي ولو تلفت بغير الاستعمال [ ص: 313 ] الذي دفعها لأجله ( قوله : فالقرار عليه مطلقا ) علم أولا ( قوله وانقضاء المدة ) أي ما قبل انقضائها : أما أي بعد انقضائها فللمؤجر تكليفه القلع مجانا لتعديه ، فإن رضي بإبقائها لزمه أجرة المثل ( قوله : عند تنازعهما ) انظر ما لو تلفت الأرض بسبب زرع الذرة فصارت لا تنبت شيئا ويتجه الضمان ا هـ سم على حج ( قوله : ما يختاره المؤجر ) أي فيكون اختياره لأجرة مثل الذرة فسخا للعقد الأول واختيار المسمى إبقاء له والمطالبة بالزيادة لتعدي المستأجر هذا ، وفي شرح الروض ما نصه : وإذا اختار أجرة المثل قال الماوردي : فلا بد من فسخ الإجارة ، وتظهر فائدة ما قاله الشارح فيما لو كان المسمى من غير نقد البلد كأن كانت أجرة المثل مائة مثلا والمسمى نحو بر ، فإن اختار أجرة المثل لزمت المائة من نقد البلد ، وإن اختار المسمى استحقه وضم إليه ما بقي بأجرة المثل من نقد البلد ، ففي المثال لو كان المسمى من نحو البر يساوي ثمانين أخذه المؤجر وطالب بعشرين ( قوله بغير إذنهما ضمن الثالث ) وفي نسخة الثلث بدل الثالث ( قوله : بغير إذنهما ) أي وكذا بإذنهما إن لم يسوغ للمكترين الإعارة لمثل ذلك بأن جرت العادة بركوب الثلاثة على مثل تلك الدابة ، وإلا فلا ضمان لأنه مستعير من المستأجر لاتحاد جرمهما باتحاد كيلهما ، ولو ابتل المحمول وثقل بسبب ذلك ثبت للمكري الخيار لما فيه من الإضرار به وبأدبته أخذا مما لو مات [ ص: 314 ] المستأجر قبل وصوله إلى المحل المعين حيث قالوا فيه لا يلزم المؤجر نقله إليه لثقل الميت .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 312 ] قوله : ودقهما أشد ضررا مما استأجر له ) كذا في نسخ الشارح وعبارة التحفة دق وهما أشد ضررا إلخ ، وكأنه أشار إلى تقييد الضمان بقيدين : الأول : وقوع الدق بالفعل كما أشار إليه تبعا للجلال المحلي بقوله دق الذي هو بصيغة الماضي وصفا للحداد والقصار والثاني : كون الحداد والقصار أشد ضررا مما استؤجر له . وهذا زاده على ما في شرح الجلال فلعل قول الشارح ودقهما محرف من الكتبة عن قول التحفة دق وهما . واعلم أن الظاهر أنه لا منافاة بين ما هنا وبين ما مر [ ص: 313 ] من أن الحداد لا يسكن قصارا مطلقا كعكسه إذ ما مر في الجواز وعدمه وما هنا في دخول العين في ضمانه فالإسكان المذكور وإن كان ممتنعا مطلقا إلا أن دخول العين في ضمانه مشروط بهذين الشرطين ; إذ لا تلازم بين الجواز وعدمه ، والضمان وعدمه ، هكذا ظهر لي فانظره مع ما في حاشية الشيخ ( قوله : وفارق المستعير من المستأجر ) حق التعبير وإنما ضمن هنا مع أنه مستعير من مستأجر لأن المستأجر لما تعدى إلخ




                                                                                                                            الخدمات العلمية