الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فإن ) ( تلفت ) العين المستعارة أو شيء من أجزائها ، ومنها ما لو أركب مالكها عليها منقطعا وإن قصد به وجه الله تعالى ولم يسأله في ذلك لأنها تحت يده ( لا باستعمال ) مأذون فيه كسقوطها في بئر حالة سيرها ، وقياسه كما قاله الغزي : إن عثورها حال الاستعمال بذلك ، وظاهره عدم الفرق بين أن يعرف ذلك من طبعها أو لا ، والأوجه تقييده بما إذا لم يكن العثور مما أذن في حمله عليها على أن جمعا اعترضوه بأن التعثر يعتاد كثيرا : أي ولا تقصير منه .

                                                                                                                            ومحله إن لم يتولد من شدة إزعاجها وإلا فهو ضامن لتقصيره وكأن جنى الرقيق أو صالت الدابة فقتلا للدفع ولو من مالكهما نظير قتل المالك قنه المغصوب إذا صال عليه فقصد دفعه فقط ( ضمنها ) بدلا أو أرشا للخبر المار بل عارية مضمونة حتى لو أعارها بشرط أن تكون أمانة لغا الشرط كما ذكراه ولم يتعرضا لصحتها ولا فسادها ، ومقتضى كلام الإسنوي صحتها [ ص: 127 ] والأوجه فسادها ولا يعتبر للضمان التفريط فيضمنها ( ولو لم يفرط ) وسيأتي كيفية ضمانها آخر الباب ولو استعار دابة ومعها تبع لم يضمنه لأنه إنما أخذه لعسر حبسه عن أمه ، وكذا لو تبعها ولدها ولم يتعرض مالكها له بنفي ولا إثبات فهو أمانة : قاله القاضي ، ولا تضمن ثياب الرقيق المستعار لأنه لم يأخذها لاستعمالها ، بخلاف إكاف الدابة كما قاله البغوي في فتاويه ، ولا يضمن المعير جلد الأضحية المنذورة ، ولا يضمنه المستعير لو تلف في يده كما قاله البلقيني لا بنتاء يده على يد من ليس بمالك ، ولا المستعار للرهن لو تلف في يد المرتهن ، ولا ضمان عليه ولا على المستعير نظير ما مر ولا صيدا استعاره من محرم ، ولا ما قبضه من مال بيت المال من له فيه حق ، لكن مر أنه ليس بعارية ولا كتابا موقوفا على المسلمين وهو أحدهم ، وقد أفتى بذلك الأذرعي ، ولا ما صالح به على منفعة أو جعل رأس المال منفعة أو أصدق زوجته المنفعة ، فإنه إذا أعار مستحق المنفعة شخصا وتلف تحت يده فلا ضمان .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ومنها ) أي العارية ( قوله : كسقوطها ) هو مثال للتلف بغير الاستعمال المأذون فيه كما يشعر به قوله بعد والأوجه تقييد ذلك إلخ ، وإنما كان هذا من الغير لأنه تلف في استعمال لا به ، وكتب أيضا قوله كسقوطها في بئر ، ومنه ما لو استعار ثورا لاستعماله في ساقية فسقط في بئرها فإنه يضمنه لأنه تلف في الاستعمال المأذون فيه بغيره لا به ، ومنه أيضا ما لو أصابه السلاح مثلا من آلة الحرب فيضمنه كل من المستعير والحارث وقرار الضمان على الحارث ( قوله : وقياسه ) أي قياس سقوطها في بئر إلخ ( قوله : كذلك ) أي مضمن ( قوله : والأوجه تقييده ) أي الضمان ( قوله : على أن جمعا اعترضوه ) أي القياس ( قوله ومحله إن لم يتولد ) أي الضمان ( قوله : فقتلا ) أي فيضمنهما [ ص: 127 ] المستعير ( قوله : والأوجه فسادها ) أي فيضمن الأجرة لمثلها ويأثم باستعمالها ( قوله : وكذا لو تبعها ولدها ) عبارة حج : نعم إن تبعها والمالك ساكت وجب رده فورا وإلا ضمن كالأمانة الشرعية ا هـ .

                                                                                                                            ومحل ذلك حيث لم يعلم به كما يدل عليه تشبيهه بالأمانة الشرعية ( قوله : ولم يتعرض مالكها له ) أي وقد علم تبعيته لأمه ، فإن لم يعلمه وجب رده فورا وإلا ضمنه ، ولعل المراد أنه يجب عليه إعلام مالكه : أي حيث عد مستوليا عليه لما يأتي في الغصب من أنه لو غصب حيوانا وتبعه ولده لا يكون غاصبا له لعدم استيلائه عليه ( قوله : ولا يضمن المعير جلد الأضحية المنذورة ) وهذا بخلاف ما قدمناه في الأضحية نفسها عن سم ويأتي في كلام الشارح من أنها مضمونة على المعير والمستعير ، وعلى هذا فلينظر الفرق بين الأضحية وجلدها ، ولعله أن الأضحية لما كان المقصود منها ذبحها وتفرقة لحمها أشبهت الوديعة فضمنت على المعير والمستعير ، بخلاف الجلد فإن المقصود منه مجرد الانتفاع فأشبه المباحات فلم يكن مضمونا على واحد منهما ( قوله : لو تلف في يد المرتهن ) خرج به ما لو تلف قبل الرهن أو بعد فكاك الرهن ونزعه من يد المرتهن ليرده على المالك فيضمنه في الصورتين على ما أفهمه كلامه ( قوله : لكن مر أنه ليس بعارية ) أي فلا يستثنى من حكمها ( قوله : ولا ما صالح به على منفعة ) قضية تخصيص الاستثناء في هذه الصورة بعدم الضمان أن مؤنة الرد فيها على المستعير وإن كانت شبيهة بالأمانات الشرعية لعدم الضمان .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : كسقوطها في بئر إلخ ) مثال للاستعمال الغير المأذون فيه [ ص: 127 ] قوله : ولا يضمنه المستعير لو تلف في يده ) ظاهر ذكر هذا عقب ما قبله أن الضمير فيما قبله للمعير وهو خلاف السياق ، فلو قدم هذا على ما قبله كان أولى .

                                                                                                                            ( قوله : ولا المستعار للرهن ) أي : ولا يضمن المستعار للرهن كما هو قضية السياق ، وحينئذ فكان الأولى خلاف ما عبر به في قوله ولا ضمان عليه إلخ فتأمل . ( قوله : ولا ما صالح به على منفعة إلخ ) حق العبارة ولا ما صولح على منفعة ، أو جعلت منفعته رأس مال سلم أو صداقا على أن هذه الثلاثة ستأتي




                                                                                                                            الخدمات العلمية