الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا يشترط في ) استحقاق ( التملك بالشفعة حكم حاكم ) لثبوته بالنص ( ولا إحضار الثمن ) كالبيع بجامع أنه تملك بعوض ولا ذكره ( ولا حضور المشتري ) ولا رضاه كما في الرد بالعيب ، وما قررناه في كلامه يندفع به ما أورد أن ما هنا ينافي ما بعده أنه لا بد من أحد هذه الأمور أو ما يلزم منه أحدها .

                                                                                                                            ووجه الاندفاع أن ما هنا في ثبوت التملك بالشفعة واستحقاقه ، وما يأتي إنما هو في حصول الملك بعد ذلك الاستحقاق وتقرره فلا اتحاد ولا منافاة ، وهو أوضح من الجواب بأن المراد هنا أن كل واحد بخصوصه على انفراده لا يشترط ، وثم أنه لا بد من وجود واحد مما يأتي ، وعلى عدم تقدير الاستحقاق لا منافاة أيضا لأن التملك وهو ما هنا غير حصول الملك وهو ما يأتي ، إذ لا يلزم من التملك حصول الملك عقبه كالبيع بشرط الخيار ، وقد أجاب الفتى بنحو ذلك غير أنه فسر التملك بأخذ الشفعة فورا : أي بطلبها فورا ثم السعي في واحد من الثلاثة ، فهذا هو التملك لا مجرد طلبها فورا خلاف ما يقتضيه كلامه ، ويؤيد ذلك قول بعض تلامذته : وأما الجواب عن قول الشيخين ولا يكفي أن يقول : لي حق الشفعة وأنا مطالب بها وقولهما في الطلب أنا مطالب بها ، فهو بناء على الفرق بين الطلب والتملك فكلامهما أولا في حقيقة التملك .

                                                                                                                            وثانيا في مجرد طلب الشفعة هذا . والأوجه كما دل عليه كلام الرافعي وصرح به البلقيني في اللعان أنه لا بد من الفور في التملك عقب الأخذ : أي في سببه . نعم في الروضة كأصلها وإذا لم يكن الثمن حاضرا وقت التملك أمهل [ ص: 203 ] ثلاثة أيام ، فإن انقضت ولم يحضره فسخ الحاكم تملكه ، هكذا حكاه ابن سريج وساعده المعظم انتهى .

                                                                                                                            ويوجه بأن غيبة الثمن عذر فأمهل لأجله مدة قريبة يتسامح بها غالبا فاندفع دعوى بنائه على مرجوح ، وللشفيع إجبار المشتري على قبض الشقص حتى يأخذه منه ، وله أخذه من البائع ويقوم قبضه مقام قبض المشتري

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : بنحو ذلك ) أي قوله : وعلى عدم تقدير إلخ ( قوله : فهذا هو التملك ) من كلام م ر ( قوله : خلاف ما يقتضيه كلامه ) أي من أنهى الطلب ، وقوله ويؤيد ذلك : أي أن هذا هو المراد ( قوله : وقولهما في الطلب ) أي حيث قالوا : إنه يكفي ( قوله : هذا والأوجه إلخ ) يفيد قولهم بعد ذلك إن الفور على الطلب لا على التملك أن صورة المسألة الآتية أنه لم يملكه إلا بدفع الثمن فيما إذا بان مستحقا لغيره ، ولو عالما فلا بد من أخذه في أسباب إبداله عقب ظهوره مستحقا وإلا بطل ا هـ مؤلف .

                                                                                                                            هكذا رأيته بهامش نسخة قديمة . وقوله فلا بد من أخذه في أسباب إلخ فيه وقفة ، لأنه يقتضي أنه لو أخذ بالشفعة ولم يشرع عقبها في سبب التملك بطل حقه من الشفعة ، وإن اتفق له حصول الثمن أو كان حاصلا عنده [ ص: 203 ] ودفعه للمشتري بقية يومه والظاهر خلافه ( قوله : وله ) أي للشفيع



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : في واحد من الثلاثة ) أي : الآتية ( قوله : فهو بناء على الفرق إلخ ) هو جواب أما وكان المناسب أن يقول : وأما قول الشيخين إلخ فهو بناء إلخ ; لأن المبني هو قول الشيخين لا الجواب ، وتقدير الكلام على ما هنا : وأما الجواب عن قول الشيخين إلخ فهو أن كلا منهما مبني إلخ . ( قوله : في سببه ) تفسير لقوله في التملك ، وهو استدراك على ما أفاده لفظ ثم في كلام الفتي ، فالمراد بالسبب هنا هو أحد تلك الثلاثة . ( قوله : نعم في الروضة إلخ ) هذا ليس استدراكا في الحقيقة ; لأن محل الإمهال فيه بعد التملك كما هو صريح عبارة الروضة ، ويدل عليه أن الشارح ذكره فيما يأتي قريبا بلفظ : وإذا ملك الشقص بغير تسليم لم يسلمه حتى يؤديه ، فإن لم يؤده أمهل ثلاثة أيام إلخ ، فعلم أنه لا يمهل للتملك مطلقا .

                                                                                                                            واعلم أن المراد بالتملك في كلام الروضة غير التملك في كلام البلقيني ، فالمراد بالتملك في كلام الروضة التملك الحقيقي [ ص: 203 ] كأن أخذ وقضى له القاضي بقرينة قوله فسخ الحاكم تملكه فتأمل . ( قوله : ويقوم قبضه مقام قبض المشتري ) أشار به إلى دفع ما علل به الشهاب ابن حجر ما اختاره من تعيين إجبار المشتري من قوله ; لأن أخذه من يد البائع يفضي إلى سقوط الشفعة ; لأن به يفوت حق التسليم المستحق للمشتري فيبطل البيع وتسقط الشفعة ا هـ .

                                                                                                                            ووجه الرد أن قبض الشفيع قائم مقام قبض المشتري فلا يرد ما قاله ، وفي بعض نسخ الشارح مثل ما قاله الشهاب ابن حجر ، فالظاهر أن الشارح رجع عنه بعد أن كان تبعه فيه وأشار إلى رده بما ذكر




                                                                                                                            الخدمات العلمية