الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما المزني فإنه اختار أن يكون الرهن صحيحا وإن بطل الشرط ، والبيع جائزا وإن بطل الرهن .

                                                                                                                                            [ ص: 252 ] واستدل بصحة الرهن مع بطلان الشرط بمثله ، وبصحة البيع مع بطلان الرهن بمثله .

                                                                                                                                            فأما المسألة التي استدل بها في صحة الرهن مع بطلان الشرط فهي أن قال : لو ارتهن عبدين فوجد أحدهما حرا فإن الرهن باطل في الحر جائز في المملوك ، وهذه المسألة ومسألة الكتاب سواء في الصورة والحكم ، ولا فرق بينهما في الجواب ، لأن الرهن باطل في الحر وفي المملوك على قولين ، كما أن الرهن إذا بطل في الثمرة والنتاج كان الرهن على قولين فلم يكن للمزني فيما استشهد به دليل ، وأما المسألة التي استدل بها في صحة البيع مع بطلان الرهن فهي إن قال : لو ارتهن منه عصيرا حلوا فصار من ساعته قبل القبض خمرا إذ الرهن في العصير باطل ، والبيع جائز ، وهذه المسألة في العصير تخالف مسألتنا في الصورة والحكم ، لأن الرهن في العصير عقد صحيح ، وإنما طرأ الفساد بعد صحته بما حدث فيه من الشدة التي صار بها خمرا ، فجرى مجرى تلف الرهن وموت العبد بعد العقد وقبل القبض فبطل الرهن لتلفه قبل القبض ، ولم يبطل لصحة الرهن حين العقد فكان للمرتهن الخيار في البيع لفوات ما شرطه من الرهن .

                                                                                                                                            ومسألة الكتاب إن كان عقد الرهن فيها فاسدا فكان فاسد الرهن قادحا فيما قرن من البيع ، فلما اختلفا في الشرط وجب أن يختلفا في الحكم فلم يكن فيما استشهد به فيها دليل والله تعالى أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية