مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن تطوع المرتهن لم يرجع بها على السيد ، وإن فداه بأمره على أن يكون رهنا به مع الحق فجائز ( قال المزني ) قلت أنا : هذا أولى من قوله لا يجوز أن يزداد حقا في الرهن الواحد " .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن المرتهن لا يلزمه أن فإن فداه المرتهن فقد برئ من الجناية واستقر في الرهن ، وبماذا يفديه ؟ على قولين كالراهن ، أحدهما يفديه بأقل الأمرين من أرش جنايته أو قيمته ، والقول الثاني يفديه بأرش جنايته وإن زادت على قيمته . يفدي العبد المرهون من جنايته ،
فإن فداه وخلص من الرهن فلا يخلو حاله في فديته من أحد أمرين إما أن يفديه بأمر الراهن أو بغير أمره ، فإن فداه بغير أمره لم يرجع على الراهن بما فداه وكان متطوعا به ، وإن [ ص: 165 ] فداه بإذن الراهن فعلى ضربين ، أحدهما أن يفديه بأمره على شرط الرجوع وهو أن يقول : أفده بالجناية لترجع علي فللمرتهن أن يرجع على الراهن بما فداه به .
والضرب الثاني : أن يفديه بأمره من غير شرط الرجوع وهو أن يقول : أفده عني ، فللمرتهن الرجوع أم لا ؟ على وجهين مضيا .
فصل : فإن . فداه المرتهن بأمر الراهن على شرط الرجوع على أن يكون العبد في يده رهنا بالحق الأول وبالأرش الذي فداه به
قال الشافعي : فذلك جائز ، واختلف أصحابنا فقال بعضهم : في جوازه قولان من إدخال حق ثان على أول ، وقول الشافعي إنه جائز يعني على أحد القولين وهو قوله في القديم ونقله المزني إلى هذا الموضع ، وقال آخرون : بل ذلك جائز قولا واحدا وفرقوا بين ارتهانه بالأرش مع الحق الأول فيجوز قولا واحدا وبين ارتهانه بحق ثان مع الحق الأول فيكون على قولين ، لأن فديته بالأرش استصلاح للرهن ، فجاز فيه ما لا يجوز في غيره من الحقوق المبتدأة في الرهن والله أعلم .