النيل : لحوق الشيء وإدراكه ، الفعل منه : نال ينال . قيل : والنيل العطية .
الوضع : الإلقاء . وضع الشيء ألقاه ، ووضعت ما في بطنها ألقته ، والفعل : وضع يضع وضعا وضعة ، والموضع : محل إلقاء الشيء . وفلان يضع الحديث أي : يلقيه من قبل نفسه من غير نقل ، يختلقه .
بكة : مرادف لمكة قاله مجاهد ، . والعرب تعاقب بين الباء والميم قالوا : لازم وراتم والنميط ، وبالباء فيها . وقيل : اسم والزجاج لبطن مكة ، قاله أبو عبيدة . وقيل : اسم لمكان البيت ، قاله النخعي . وقيل : اسم للمسجد خاصة ، قاله . قيل : ويدل عليه أن البك هو دفع الناس بعضهم بعضا ، وازدحامهم ، وهذا إنما يحصل في المسجد عند الطواف لا في سائر المواضع ، وسيأتي الكلام على لفظ ابن شهاب مكة إن شاء الله . البركة : الزيادة ، والفعل منه : بارك ، وهو متعد ، ومنه ( أن بورك من في النار ) ويضمن معنى ما تعدى بـ " على " ، لقوله : ، وتبارك : لازم . وبارك على محمد
العوج : الميل ، قال أبو عبيدة : في الدين والكلام والعمل ، وبالفتح في الحائط والجذع . وقال بمعناه . قال : فيما لا نرى له شخصا ، وبالفتح فيما له شخص . قال الزجاج ابن فارس : بالفتح في كل منتصب كالحائط . والعوج : ما كان في بساط ، أو دين ، أو أرض ، أو معاش .
العصم : المنع ، واعتصم واستعصم : امتنع ، واعتصمت فلانا هيأت له ما يعتصم به ، وكل متمسك بشيء معتصم ، وكل مانع شيء عاصم ، ويرجع لهذا المعنى الأعصم ، والمعصم ، والعصام . ويسمى الخبز عاصما لأنه يمنع من الجوع .
( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) مناسبة هذه الآية لما قبلها ، هو أنه لما أخبر عمن مات كافرا أنه لا يقبل ما أنفق في الدنيا ، أو ما أحضره لتخليص نفسه في الآخرة على الاختلاف الذي سبق ، حض المؤمن على الصدقة ، وبين أنه لن يدرك البر حتى ينفق مما يحب . والبر هنا ، قال ، ابن مسعود ، وابن عباس ومجاهد ، والسدي ، و عمرو بن ميمون : البر الجنة . وقال الحسن ، والضحاك : الصدقة المفروضة . وقال : الخير كله . وقيل : الصدق . وقيل : أشرف الدين ، قاله أبو روق عطاء . وقال ابن عطية : الطاعة . وقال : التقوى . وقال مقاتل بن حيان : كل ما تقرب به إلى الله من عمل خير . وقال معناه الزجاج ابن عطية . قال أبو مسلم : وله مواضع ، فيقال : الصدق البر ، ومنه : صدقت وبررت ، وكرام بررة ، والإحسان : ومنه بررت والدي ، واللطف والتعاهد ومنه : يبر أصحابه إذا كان يزورهم ويتعاهدهم ، والهبة والصدقة : بره بكذا إذا وهبه له .
وقال : ويحتمل لن تنالوا بر الله بكم أي : رحمته ولطفه انتهى . وهو قول أبي بكر [ ص: 524 ] الوراق ، قال : معنى الآية لن تنالوا بري بكم إلا ببركم بإخوانكم ، والإنفاق عليهم من أموالكم وجاهكم . وروى نحوه علي بن جرير . ويحتمل أن يريد : لن تنالوا درجة الكمال من فعل البر حتى تكونوا أبرارا إلا بالإنفاق المضاف إلى سائر أعمالكم ، قاله ابن عطية . وقد تقدم شرح البر في قوله : ( أتأمرون الناس بالبر ) ولكن فعلنا ما قال الناس في خصوصية هذا الموضع .
و " من " في : مما تحبون للتبعيض ، ويدل على ذلك قراءة عبد الله : حتى تنفقوا بعض ما تحبون . و " ما " موصولة ، والعائد محذوف . والظاهر أن المحبة هنا هو ميل النفس وتعلقها التعلق التام بالمنفق ، فيكون إخراجه على النفس أشق وأصعب من إخراج ما لا تتعلق به النفس ذلك التعلق ، ولذلك فسره الحسن ، والضحاك بأنه محبوب المال ، كقوله : ( ويطعمون الطعام على حبه ) لذلك ما روي عن جماعة أنهم لهذه الآية تصدقوا بأحب شيء إليهم ، فتصدق أبو طلحة ببيرحاء ، وتصدق بفرس له كان يحبها ، زيد بن حارثة بالسكر واللوز ; لأنه كان يحبه ، وابن عمر وأبو ذر بفحل خير إبله وببرنس على مقرور ، وتلا الآية ، بالسكر لحبه له ، وأعتق والربيع بن خيثم عمر جارية أعجبته ، وابنه عبد الله جارية كانت أعجب شيء إليه .
وقيل : معنى مما تحبون ، نفائس المال ، وطيبه لا رديئه وخبيثه . وقيل : ما يكون محتاجا إليه . وقيل : كل شيء ينفقه المسلم من ماله يطلب به وجه الله .
ولفظة " تحبون " تنبو عن هذه الأقوال ، والذي يظهر أن الإنفاق هو في الندب ; لأن المزكي لا يجب عليه أن يخرج أشرف أمواله ولا أحبها إليه ، وأبعد من ذهب إلى أن هذه الآية منسوخة ; لأن الترغيب في الندب لوجه الله لا ينافي الزكاة . قال بعضهم : وتدل هذه الآية على أن الكلام يصير شعرا بأشياء منها : قصد المتكلم إلى أن يكون شعرا ; لأن هذه الآية على وزن بيت الرمل ، يسمى المجز والمسبع ، وهو :
يا خليلي اربعا واستخبرا لـ منزل الدارس عن حي حلال
رسما بعسفان
ولا يجوز أن يقال : إن في القرآن شعرا . ( وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ) تقدم تفسير مثل هذا .