الإحساس : الإدراك ببعض الحواس الخمس ، وهي : السمع والبصر والشم والذوق واللمس . يقال : أحسست الشيء ، وحسست به . وتبدل سينه ياء فيقال : حسيت به ، أو تحذف أولى سينيه في أحسست فيقول : أحست . قال :
سوى أن العتاق من المطايا أحسن به فهن إليه شوس
وقال : وما شذ من المضاعف ، يعني في الحذف ، فشبيه بباب : أقمت ، وذلك قولهم : " أحست " و " أحسن " يريدون : أحسست ، وأحسسن ، وكذلك يفعل بكل بناء تبنى لام الفعل فيه على السكون ، ولا تصل إليه الحركة ، فإذا قلت لم أحس لم تحذف . سيبويه
الحواري : صفوة الرجل وخاصته . ومنه قيل : الحضريات الحواريات ; لخلوص ألوانهن ونظافتهن قال أبو جلذة اليشكري :
فقل للحواريات تبكين غيرنا ولا تبكنا إلا الكلاب النوابح
ومثله في الوزن : الحوالي ، للكثير الحيلة ، وليست الياء فيهما للنسب ، وهو مشتق من الحور ، وهو البياض . حورت الثوب بيضته . المكر : الخداع والخبث ، وأصله الستر ، يقال : مكر الليل إذا أظلم ، واشتقاقه من المكر ، وهو شجر ملتف ، فكان الممكور به يلتف به المكر ، ويشتمل عليه ، ويقال : امرأة ممكورة إذا كانت ملتفة الخلق . والمكر : ضرب من النبات .
تعالى : تفاعل من العلو ، وهو فعل ، لاتصال الضمائر المرفوعة به ، ومعناه : استدعاء المدعو من مكانه إلى مكان داعيه ، وهي كلمة قصد بها أولا تحسين الأدب مع المدعو ، ثم اطردت حتى يقولها الإنسان لعدوه ، ولبهيمته ونحو ذلك .
الابتهال : قوله بهلة الله على الكاذب ، والبهلة بالفتح والضم : اللعنة ، ويقال بهله الله : لعنه وأبعده ، من قولك أبهله ، إذا أهمله ، وناقة باهلة لا ضرار عليها ، وأصل الابتهال هذا ، ثم استعمل في كل دعاء يجتهد فيه ، وإن لم يكن التعانا . وقال لبيد :
من قروم سادة من قومهم نظر الدهر إليهم فابتهل
[ ص: 471 ] ( فلما أحس عيسى منهم الكفر ) تقدم ترتيب هذه الجملة على ما قبلها من الكلام ، وهل الحذف بعد قوله ( صراط مستقيم ) أو بعد قوله : ( ورسولا إلى بني إسرائيل ) وذلك عند تفسير ( ورسولا إلى بني إسرائيل ) .
قال مقاتل : أحس ، هنا رأى من رؤية العين أو القلب . وقال الفراء : أحس وجد . وقال أبو عبيدة : عرف . وقيل : علم . وقيل : خاف . والكفر : هنا جحود نبوته ، وإنكار معجزاته ، ومنهم : متعلق بـ " أحس " ، قيل : ويجوز أن يكون حالا من الكفر .
( قال من أنصاري إلى الله ) لما أرادوا قتله استنصر عليهم ، قال مجاهد ، وقال غيره : إنه استنصر لما كفروا به وأخرجوه من قريتهم وقيل : استنصرهم لإقامة الحق .
قال المغربي : إنما قال عيسى : ( من أنصاري إلى الله ) بعد رفعه إلى السماء ، وعوده إلى الأرض ، وجمع الحواريين الاثنى عشر ، وبثهم في الآفاق يدعون إلى الحق ، وما قاله من أن ذلك القول كان بعد ما ذكر بعيد جدا ، لم يذكره غيره بل المنقول . والظاهر أنه قال ذلك قبل رفعه إلى السماء . قال : من أعواني مع الله . وقال السدي الحسن : من أنصاري في السبيل إلى الله . وقال أبو علي الفارسي معنى : إلى الله : لله ، كقوله : ( يهدي إلى الحق ) أي للحق وقيل : من ينصرني إلى نصر الله . وقيل : من ينقطع معي إلى الله ، قاله ابن بحر ، وقيل : من ينصرني إلى أن أبين أمر الله . وقال أبو عبيدة : من أعواني في ذات الله ؟ وقال ابن عطية : من أنصاري إلى الله . عبارة عن حال عيسى في طلبه من يقوم بالدين ، ويؤمن بالشرع ويحميه ، كما كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يعرض نفسه على القبائل ، ويتعرض للأحياء في المواسم انتهى . وقال وإلى الله من صلة أنصاري ؟ مضمنا معنى الإضافة ، كأنه قيل : من الذين يضيفون أنفسهم إلى الله ينصرونني كما ينصرني ؟ أو يتعلق بمحذوف حالا من الياء ، أي : من أنصاري ذاهبا إلى الله ملتجئا إليه ؟ انتهى . الزمخشري
( قال الحواريون ) أي أصفياء عيسى . قاله . أو : خواصه ، قاله ابن عباس الفراء . أو البيض الثياب ، رواه ابن جبير عن . أو القصارون ، سموا بذلك ; لأنهم يجودون الثياب ، أي يبيضونها ، قاله ابن عباس الضحاك ، ومقاتل . أو : المجاهدون ، أو : الصيادون ، قال لهم عيسى على نبينا وعليه - السلام : ألا تمشون معي تصطادون الناس لله ؟ فأجابوا . قال مصعب : كانوا اثني عشر رجلا يسيحون معه ، يخرج لهم ما احتاجوا إليه من الأرض ، فقالوا : من أفضل منا ؟ نأكل من أين شئنا . فقال عيسى : من يعمل بيده ؟ ويأكل من كسبه ؟ فصاروا قصارين وحكى : ابن الأنباري الحواريون : الملوك ، وقال الضحاك ، وأبو أرطاة : الغسالون ، وقال : الحوار النور ، ونسبوا إليه لما كان في وجوههم من سيما العبادة ونورها ، وقال ابن المبارك تاج القراء : الحواري : الصديق .
قيل : لما أراهم الآيات وضع لهم ألوانا شتى من حب واحد آمنوا به واتبعوه ، وقرأ الجمهور : الحواريون ، بتشديد الياء . وقرأ ، إبراهيم النخعي وأبو بكر الثقفي ، بتخفيف الياء في جميع القرآن ، والعرب تستثقل ضمة الياء المكسور ما قبلها في مثل : القاضيون ، فتنقل الضمة إلى ما قبلها ، وتحذف الياء لالتقائها ساكنة مع الساكن بعدها ، فكان القياس على هذا أن يقال : الحوارون ، لكن أقرت الضمة ، ولم تنقل دلالة على أن التشديد مراد ، إذ التشديد يحتمل الضمة كما ذهب إليه الأخفش في : يستهزئون ، إذ أبدل الهمزة ياء ، وحملت الضمة تذكرا لحال الهمزة المراد فيها .
( نحن أنصار الله ) أي : أنصار دينه وشرعه والداعي إليه .
( آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ) لما ذكروا أنهم أنصار الله ، ذكروا مستند هذه النسبة ، وهو الإيمان بالله ، واستدعوا من عيسى أن يشهد بإسلامهم ; وذلك على سبيل التثبيت لإيمانهم ; لأن انقياد الجوارح تابعة لانقياد القلب وتصديقه ، والرسل تشهد يوم القيامة لقومهم ، وعليهم . ودل ذلك على أن عيسى - عليه السلام - كان على دين الإسلام ، برأه الله من سائر الأديان كما برأ إبراهيم بقوله : ( ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ) [ ص: 472 ] الآية ، ويحتمل أن يكون : واشهد ، خطابا لله تعالى أي : واشهد يا ربنا ، وفي هذا توبيخ لنصارى نجران ، إذ حكى الله مقالة أسلافهم المؤمنين ل عيسى ، فليس كمقالهم فيه ، ودعوى الإلهية له .