تمام الحج أن تقف المطايا على خرقاء واضعة اللثام
جعل وقوف المطايا على محبوبته ، وهي مي ، كبعض مناسك الحج الذي لا يتم إلا به . هذا ظاهر اللفظ ، وقد فسر " الإتمام " بغير ما يقتضيه الظاهر . قال ، الشعبي وابن زيد : إتمامهما أن لا ينفسخ ، وأن تتممهما إذا بدأت بهما .
وقال علي ، ، وابن مسعود ، وابن عباس وسعيد ، : إتمامهما أن تحرم بهما مفردين من دويرة أهلك ، وفعله وطاوس . وقال عمران بن حصين : إتمامهما أن تخرج قاصدا لهما لا لتجارة ولا لغير ذلك ، ويؤيد هذا قوله " لله " . وقال الثوري القاسم بن محمد وقتادة : إتمامهما أن تحرم بالعمرة وتقضيها في غير أشهر الحج ، وأن تتم الحج دون نقص ولا جبر بدم ، وقالت فرقة : إتمامهما أن تفرد كل واحد من حج أو عمرة ولا تقرن ، والإفراد عند هؤلاء أفضل .
وقال قوم : إتمامهما أن تقرن بينهما ، والقران عند هؤلاء أفضل . وقال ، ابن عباس وعلقمة ، وإبراهيم ، وغيرهم : إتمامها أن تقضي مناسكهما كاملة بما كان فيها من دماء ، وهذا يقرب من القول الأول ، وقال قوم : أن يفرد لكل واحد منهما سفرا . وقيل : أن تكون النفقة حلالا ، وقال مقاتل : إتمامهما أن لا تستحل فيهما ما لا يجوز ، وكانوا يشركون في إحرامهم ، يقولون : لبيك اللهم لبيك ، لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك . فقال : أتموهما ولا تخلطوا بهما شيئا .
وقال الماتريدي : إنما قال ( وأتموا الحج والعمرة لله ) : لأن الكفرة كانوا يفعلون الحج لله والعمرة للصنم ، وقال المروزي : كان الكفار يحجون للأصنام .
وقرأ علقمة : " وأقيموا الحج " ، وقرأ : " الحج " ، بالكسر هنا ، وفي آل عمران ، وبالفتح في سائر القرآن ، وتقدم قراءة طلحة بن مصرف : " الحج " بالكسر في جميع القرآن ، وسيأتي ذكر الخلاف في قوله : ( حج البيت ) في موضعه . ابن إسحاق
وقرأ : " وأتموا الحج والعمرة إلى البيت لله " ، وقرأ ابن مسعود علي ، ، وابن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وابن عباس ، وابن عمر ، والشعبي وأبو حيوة : " والعمرة لله " ، بالرفع على الابتداء والخبر ، فيخرج العمرة عن الأمر ، وينفرد به الحج ، وروي عنه أيضا : " وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت " ، وينبغي أن يحمل هذا كله على التفسير : لأنه مخالف لسواد المصحف الذي أجمع عليه المسلمون .
" ولله " متعلق بـ " أتموا " ، وهو مفعول من أجله ، ويجوز أن يكون في موضع الحال ، ويكون العامل محذوفا تقديره : كائنين لله ، ولا خلاف في أن الحج فرض ، وأنه أحد الأركان التي بني الإسلام عليها ، وفروضه : النية ، والإحرام ، والطواف المتصل بالسعي بين الصفا والمروة ، خلافا لأبي حنيفة ، والوقوف بعرفة ، والجمرة ، على قول ، والوقوف ابن الماجشون بمزدلفة على قول . الأوزاعي
وأما أعمال العمرة : فنية ، وإحرام ، وطواف ، وسعي . ولا يدل الأمر بإتمام الحج والعمرة على فرضية العمرة ، ولا على أنها سنة ، فقد يصح صوم رمضان ، وشيء من شوال بجامع ما اشتركا فيه من المطلوبية ، وإن اختلفت جهتا الطلب ، ولذلك ضعف قول من استدل على أن فرض بقوله : " وأتموا " . وروي ذلك عن العمرة علي ، ، وابن عباس ، وابن عمر ومسروق ، وعطاء ، ، وطاوس ومجاهد ، ، وابن سيرين ، والشعبي ، وابن جبير وأبي بردة ، : ومن علماء الأمصار : وعبد الله بن شداد ، الشافعي وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيدة ، وابن حميم ، من المالكيين .
وذهب جماعة من الصحابة إلى أن العمرة سنة ، منهم : ، ابن مسعود وجابر ، ومن التابعين : النخعي ، ومن علماء الأمصار : مالك ، وأبو حنيفة ، إلا أنه إذا شرع فيها عندهما وجب إتمامها . وحكى بعض القزوينيين والبغداديين عن أبي حنيفة القولين ، والحجج منقولة في كتب الفقه .