( الأهلة ) ، جمع هلال ، وهو مقيس في فعال المضعف ، نحو : عنان وأعنة ، وشذ فيه فعل قالوا : عنن في عنان ، وحجج في حجاج .
والهلال ، ذكر صاحب كتاب ( شجر الدر ) في اللغة : أنه مشترك بين هلال السماء ، وحديدة كالهلال بيد الصائد يعرقب بها الحمار الوحشي ، وذؤابة النعل ، وقطعة من الغبار ، وما أطاق من اللحم بظفر الأصبع ، وقطعة من رحى ، وسلخ الحية ، ومقاولة الأجير على الشهور ، والمباراة في رقة النسج ، والمباراة في التهليل . وجمع هلة وهي المفرجة ، والثعبان ، وبقية الماء في الحوض ، انتهى ما ذكره ملخصا . ويسمى الذي في السماء هلالا لليلتين ، وقيل : لثلاث . وقال أبو الهيثم : لليلتين من أوله وليلتين من آخره ، وما بين ذلك يسمى قمرا . وقال : سمي هلالا إلى أن يحجر ، وتحجيره أن يستدير له كالخيط الرقيق ، وقيل : يسمى بذلك إلى أن يبهر ضوءه سواد الليل ، وذلك إنما يكون في سبع . قالوا : وسمي هلالا لارتفاع الأصوات عند رؤيته من قولهم : استهل الصبي ، والإهلال بالحج ، وهو رفع الصوت بالتلبية ، أو من رفع الصوت بالتهليل عند رؤيته . وقد يطلق الهلال على الشهر ، كما يطلق الشهر على الهلال ، ويقال : أهل الهلال ، واستهل وأهللناه واستهللناه ، هذا قول عامة أهل اللغة . وقال الأصمعي شمر : يقال استهل الهلال أيضا يعني مبنيا للفاعل وهو الهلال ، وشهر مستهل : وأنشد :
وشهر مستهل بعد شهر وحول بعده حول جديد
ويقال أيضا : استهل بمعنى تبين ، ولا يقال أهل ، ويقال أهللنا عن ليلة كذا ، وقال أبو نصر عبد الرحيم القشيري في تفسيره : يقال أهل الهلال واستهل ، وأهللنا الهلال واستهللناه ، انتهى .
وقد تقدم لنا الكلام في مادة هلل ، ولكن أعدنا ذلك بخصوصية لفظ الهلال بالأشياء التي ذكرناها هنا .
( مواقيت ) ، جمع ميقات بمعنى الوقت كالميعاد بمعنى الوعد ، وقال بعضهم : الميقات منتهى الوقت ، قال تعالى : ( فتم ميقات ربه أربعين ليلة ) .
ثقف الشيء : إذا ظفر به ووجده على جهة الأخذ والغلبة ، ومنه : رجل ثقف سريع الأخذ لأقرانه ، ومنه : فإما تثقفنهم في الحرب ، وقول الشاعر :
فإما تثقفوني فاقتلوني فمن أثقف فليس إلى خلود
وقال ابن عطية : ( ثقفتموهم ) أحكمتم غلبتهم ، يقال : رجل ثقف لقف إذا كان محكما لما يتناوله من الأمور ، انتهى . ويقال : ثقف الشيء ثقافة إذا حذقه ، ومنه أخذت الثقافة بالسيف ، والثقاف أيضا حديدة تكون للقواس والرماح يقوم بها المعوج ، وثقف الشيء : لزمه ، وهو ثقف إذا كان سريع العلم ، وثقفته : قومته ، ومنه الرماح المثقفة ، أي : المقومة ، وقال الشاعر :
ذكرتك والخطي يخطر بيننا وقد نهلت منا المثقفة السمر
يعني الرماح المقومة .
( التهلكة ) . على وزن تفعلة ، مصدر لهلك ، وتفعلة مصدر قليل ، حكى منه : التضرة والتسرة ، ومثله من الأعيان التنصبة ، والتنفلة ، يقال : هلك هلكا وهلاكا وتهلكة وهلكاء على وزن فعلاء ، ومفعل من هلك ، جاء بالضم والفتح والكسر ، وكذلك بالتاء ، هو مثلث حركات العين ، والضم في مهلك نادر ، والهلاك في ذي الروح : الموت ، وفي غيره : الفناء والنفاد . وكون التهلكة مصدرا حكاه سيبويه أبو علي عن أبي عبيدة ، وقاله غيره من النحويين . قال : ويجوز أن يقال أصلها التهلكة كالتجربة والتبصرة ونحوهما ، على أنها مصدر من هلك ، يعني المشدد اللام ، فأبدلت من الكسرة ضمة ، كما جاء الجوار في الجوار ، انتهى كلامه . وما ذهب إليه ليس بجيد : لأن فيها حملا على شاذ ، ودعوى إبدال لا دليل عليه ، أما الحمل على الشاذ ، فحمله على أن أصل تفعلة ذات الضم ، على تفعلة [ ص: 60 ] ذات الكسر ، وجعل تهلكة مصدرا لهلك المشدد اللام ، وفعل الصحيح اللام غير المهموز قياس مصدره أن يأتي على تفعيل ، نحو : كسر تكسيرا ، ولا يأتي على تفعلة إلا شاذا ، فالأولى جعل تهلكة مصدرا ، إذ قد جاء ذلك نحو : التضرة . وأما تهلكة فالأحسن أيضا أن يكون مصدرا لهلك المخفف اللام : لأنه بمعنى تهلكة بضم اللام ، وقد جاء في مصادر فعل : تفعلة ، قالوا : جل الرجل تجلة ، أي جلالا ، فلا يكون تهلكة إذ ذاك مصدرا لهلك المشدد اللام ، وأما إبدال الضمة من الكسرة لغير علة ففي غاية الشذوذ ، وأما تمثيله بالجوار والجوار فلا يدعى فيه الإبدال ، بل يبنى المصدر فيه على فعال بضم الفاء شذوذا . الزمخشري
وزعم ثعلب أن التهلكة مصدر لا نظير له ، إذ ليس في المصادر غيره ، وليس قوله بصحيح ، إذ قد حكينا عن أنه حكى التضرة والتسرة مصدرين . وقيل : التهلكة ما أمكن التحرز منه ، والهلاك ما لا يمكن التحرز منه ، وقيل التهلكة : الشيء المهلك ، والهلاك حدوث التلف ، وقيل : التهلكة كل ما تصير غايته إلى الهلاك . سيبويه