( وقدرا يقدر عليه ) أي على إحيائه لأنه اللائق بفعله المنوط بالمصلحة ( وكذا المتحجر ) لا ينبغي أن يقطع من مريده إلا فيما يقدر على إحيائه ، وإلا فلغيره إحياء الزائد كما مر ، والأوجه حرمة تحجير زائد على ما يقدر عليه لأن فيه منعا لمريد الإحياء بلا حاجة ، ولو قال المتحجر لغيره آثرتك به أو أقمتك مقامي [ ص: 342 ] صار الثاني أحق به . ( ولا يقطع الإمام ) أي لا يجوز له أن يقطع ( إلا قادرا على الإحياء ) حسا وشرعا دون ذمي بدارنا
قال الماوردي : وليس ذلك هبة بل تولية وإيثار ( والأظهر أن للإمام ) ونائبه ولو والى ناحية ( أن يحمي ) بفتح أوله : أي يمنع ، وبضمه : أي يجعل حمى ( بقعة موات لرعي ) خيل جهاد و ( نعم جزية ) وفيء ( وصدقة و ) نعم ( ضالة و ) نعم إنسان ( ضعيف عن النجعة ) بضم النون وهو الإبعاد في الذهاب لطلب الرعي لأنه صلى الله عليه وسلم حمى النقيع بالنون وقيل بالباء لخيل المسلمين ، وهو بقرب وادي العقيق على عشرين ميلا من المدينة ، وقيل على عشرين فرسخا ، ومعنى خبر البخاري { } لا حمى إلا مثل حماه صلى الله عليه وسلم بأن يكون لما ذكر ، ومع كثرة المرعى بحيث يكفي المسلمين ما بقي وإن احتاجوا للتباعد للرعي ، وذكر النعم فيما عدا الصدقة للغالب ، والمراد مطلق الماشية . ويحرم على الإمام لا حمى إلا لله ورسوله ، ويحرم عليه أن يحمي الماء العد بكسر أوله ، وهو الذي له مادة لا تنقطع كماء عين أو بئر لشرب خيل الجهاد وإبل الصدقة والجزية وغيرهما ( و ) الأظهر ( أن له ) أي الإمام ( نقض حماه ) وحمى غيره إذا كان النقض ( للحاجة ) بأن ظهرت المصلحة فيه بعد ظهورها في الحمى رعاية للمصلحة ، وليس هذا من نقض الاجتهاد . أخذ عوض ممن يرعى في حمى أو موات
والثاني المنع لتعينه لتلك الجهة كما لو عين بقعة لمسجد أو مقبرة .
أما ما حماه عليه الصلاة والسلام فلا ينقض ولا يغير بحال لأنه نص بخلاف حمى غيره ولو الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ( ولا يحمي ) الإمام ونائبه ( لنفسه ) قطعا لأن ذلك من خصوصياته صلى الله عليه وسلم ولم يقع ذلك منه ، وليس للإمام أن يدخل مواشيه ما حماه للمسلمين لأنه قوي ، ويندب له نصب أمين يدخل دواب الضعفاء ويمنع دواب الأقوياء ، فإن رعاه قوي منع منه ، ولا يغرم شيئا ولا يخالفه ما مر في الحج من أن من أتلف شيئا من نبات البقيع ضمنه على الأصح ، لأن ما هنا في الرعي فهو من جنس ما حمي به ، وما هناك في الإتلاف بغيره ولا يعزر أيضا ، وحمله ابن الرفعة على جاهل التحريم .
قال وإلا فلا ريب في التعزير انتهى .
ويرد بأنه لا يلزم من منعه من ذلك حرمة الرعي ، وعلى التنزل فقد ينتفي التعزير في المحرم لعارض ، ولعلهم سامحوا فيه كمسامحتهم في الغرم .