الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                [ ص: 155 ] إلا في الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه قبضه ودفعه في حياته لم تقبل إلا ببينة ، بخلاف الوكيل بقيض العين .

                والفرق في الولوالجية

                التالي السابق


                ( 34 ) قوله : إلا في الوكيل بقبض الدين إذا ادعى إلخ .

                كذا في النسخ والصواب إلا الوكيل بإسقاط أداة الظرفية ; قيل على ما تحرر أنه يقبل قول الوكيل المذكور في حق نفي الضمان عن نفسه لا في حق إيجاب الضمان على غيره فلا يحتاج إلى استثناء هذه المسألة من الكلية إلا أن يقال : استثناؤها بالاعتبار الثاني .

                وقد وهم في هذه المسألة كثيرون وزلت فيها أقدام وانعكست فيها أفهام وكثر فيما بينهم الخصام فأقول : تحرير هذه المسألة أن الوكيل إذا ادعى القبض والدفع لا يخلو إما أن تصدقه الورثة فيهما أو تكذبه فيهما أو تصدقه في القبض وتكذبه في الدفع ، واعلم أولا أن الوكيل بقبض الدين يصير مودعا بعد قبضه فيجري عليه أحكام المودع ، وأن من أخبر بشيء يملك استئنافه يقبل قوله ، وما لا فلا .

                وأن الوكيل ينعزل بموت الموكل ، وأن من حكى أمرا لا يملك استئنافه إن كان فيه إيجاب الضمان على الغير لا ، وإذا علمت ذلك فاعلم أنه متى ثبت قبض الوكيل من الدين ببينة أو تصديق الورثة له فيه فالقول قوله في الدفع بيمينه لأنه مودع بعد القبض ، ولو كذبه الورثة في الدفع لأنهم بتصديقهم له في القبض صاروا [ ص: 156 ] مقرين بأن المال في يده وديعة ، وإذا لم يثبت القبض بأن أنكر القبض والدفع لا يقبل قوله في إيجاب الضمان على الموت ; لأنه لا يملك الآن القبض ; لأنه بموت الموكل انعزل عن الوكالة فقد حكى أمرا لا يملك استئنافه ، وفيه إيجاب الضمان على الغير وهو المورث إذ الديون تقضى بأمثالها فلا يقبل قوله فيه بخلاف ما إذا ادعى القبض والدفع للموكل حال حياته فأنكر الموكل لأنه يملك استئنافه فيقبل قوله ولو كان فيه إيجاب الضمان على الغير ، ويقبل قوله أيضا في نفي الضمان عن نفسه فلا يرجع الغريم عليه لأن قبضه منه بالنسبة إليه ثابت فسواء صدقه أو كذبه في الدفع إذ هو بالنسبة إليه مودع والقول قول المودع في الدفع بيمينه ، وذلك لأنه مصدق له بعد الوكالة .

                وقد صرحوا في كتاب الوكالة أن المدين إذا صدق وكيله الغائب في الوكالة صار المال المدفوع إليه أمانة لتصديقه عليها فانتفى رجوعه عليه فلو أقام المدين بينة على الدفع للوكيل قبل واندفعت الورثة ، وإن صدقت الورثة الوكيل في القبض والدفع ظاهر في عدم جواز مطالبة الغريم وقد برئت ذمته بتصديقهم فقد تحررت المسألة بعناية الله - تعالى - فافهم واعلم أن دعوى الهلاك في يده بعد القبض مثل دعوى الدفع وكالوكيل الوصي بعد عزله إذا قال قبضت ودفعت أو هلك مني وكذبه من له عليه الطلب شرعا في القبض لم يقبل قوله إلا ببينة ; لأنه بعد العزل لا يملك إنشاء القبض وفيه إيجاب الضمان على الغير إذ الديون تقضى بأمثالها ومن حكى أمرا لا يملك إنشاءه وفيه إيجاب الضمان على الغير لا يقبل قوله ولو لم يكن معزولا وكان له ولاية القبض بأن كان وصي الميت مطلقا أو القاضي وأذن له في القبض لأنه يملك إنشاء القبض .

                كذا حرره بعض الفضلاء وقال لم أطلع على من حررها غيري




                الخدمات العلمية